(النية في الطلاق):
  الجواب والله الموفق: أن الرجل المطلِّق إذا لم يكن له نية في الرجعة وإنما يتلقى المراجعة عن صاحبه ثم الطلاق من غير أن يكون له نية في المراجعة ولا إرادة فلا عبرة بها ولا يُعْتَدّ بها، وهذا فيما بينه وبين الله تعالى، أما في ظاهر الحكم فالطلاق والمراجعة معتبران، وإذا كانت المراجعة غير صحيحة فلا يقع الطلاق الذي بعدها، وعلى هذا فالواقع من الرجل المذكور طلقة واحدة، وكما قلنا فيما بينه وبين الله تعالى، فإن لم يكن ثم منازع للزوج فلا يعترض عليه، وإذا اتهمه الولي أو الزوجة فيحلف أنه ما أراد بقوله ذلك المراجعة، وأنه إنما قاله تلقيناً.
  والدليل على ما ذكرنا: ما روي أن النبي ÷ حلَّف الرجل الذي جاء يستفتيه في طلاق زوجته ثلاثاً فحلفه النبي ÷ أنه ما أراد إلا واحدة، فجعلها النبي ÷ واحدة.
  ويؤيد ما ذكرنا حديث: «لا عمل إلا بنية»، «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى».
(النية في الطلاق):
  في أصول الأحكام للإمام أحمد بن سليمان #: أن النية شرط في الطلاق، واستدل على ذلك بحديث: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» وحديث: «إنما الأعمال بالنيات»، ثم قال بعد ذلك: دلت هذه الأخبار على أنه لا يجوز طلاق من لم ينو الطلاق ويقصده ... إلخ.
  قلت: ينبغي أن يكون هذا فيما بين الإنسان وبين ربه، وأما في الظاهر فالواجب على الحاكم أن يحكم بالظاهر، فالعاقل المختار إذا طلق زوجته حكم عليه بنفوذ الطلاق؛ لأن الظاهر ممن كان بالغاً عاقلاً النية والقصد، وقد روي عن النبي ÷ أنه قال: «نحن إنما نحكم بالظاهر» أو كما قال، فإذا حكم الحاكم بنفوذ الطلاق نفذ الطلاق، سواء نوى المطلق أم لم ينو؛ لأن الحكم في المسائل الظنية ينفذ ظاهراً وباطناً.