من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

إذا طلق العامي للبدعة

صفحة 461 - الجزء 1

  وأن الله يريده لعباده المؤمنين.

  وما جاء في الرواية عن النبي ÷: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه».

  نعم، ليس هذا من باب التلعب والتهور في الدين؛ إذ ما نحن فيه المراد به طلب الخروج من الورطات الكبيرة، أما التلعب والتهور فهو طلب الأعذار والتماسها من أجل التوصل إلى الحرام كأكل الربا، واستماع الغناء، وشرب المسكر، ونحو ذلك.

إذا طلق العامي للبدعة

  سؤال: إذا طلق العامي الذي لا يفهم التقليد والالتزام طلاقاً بدعياً وهو يعتقد لزومه وصحته، ثم تبين له من بعد أن من العلماء من يفتي بعدم وقوعه؛ فهل يجوز للمفتي أن يفتيه بعدم وقوعه، أم يفتيه بوقوعه بناءً على القاعدة التي تقول: (إن مذهب العامي الصرف مذهب من وافق)، وإن ما فعله العامي معتقداً لصحته صحيح ما لم يخالف الإجماع؟

  الجواب والله الموفق: أن ما فعله العامي الصرف معتقداً لصحته ولم يخالف الإجماع هو صحيح، ويمكن أن يستدل لذلك بقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}⁣[الأحزاب ٥]، وبناءً على هذه القاعدة فما مضى من أفعاله يحكم له بالصحة، فإن استفتى هذا العامي مثلاً في طلاق بدعي فِعْلُه قد مضى وانتهت عدة الزوجة فيه - فيلزم المفتي أن يفتيه بصحته، ويعظه أن لا يعود لمثله، وإن استفتاه في أمر مستقبل فيفتيه بمذهبه، ولا يلتفت إلى ما يعتقده العامي، وإن استفتاه مثلاً في طلاق أوقعه ولا تزال المطلقة في العدة من ذلك الطلاق أفتاه المجتهد على حسب ما يراه من وقوعه أو لا وقوعه، ولا يسمى مثل هذا انتقالاً؛ إذ الانتقال فرع الالتزام، وهذا التفصيل للمذهب كما ذكره الإمام محمد بن القاسم الحوثي ¦.