من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم ما يأكله الصبي خفية من ثمار الناس]

صفحة 259 - الجزء 2

[حكم ما يأكله الصبي خفية من ثمار الناس]

  سؤال: كثيراً ما يأكل الصبي من ثمار الناس بالخفية، فيأخذ من هذا البستان تفاحة، ومن ذاك عنقوداً، ويأكل من غير ذلك، وهكذا كما هي عادة الصبيان في أكثر البلدان، فكيف يصنع إذا كبر، هل يلزمه قيمة ما أخذ أم ماذا؟

  الجواب والله الموفق: أن اللازم في مثل ذلك أن ينظر المكلف فيمن أخذ عليهم:

  ١ - فمن عرف أنه طيب النفس، ذو سماحة، وأنه لو عرف لسامح بطيبة من نفسه، فهذا لا يلزم المسامحة منه بالفعل.

  ٢ - ومن عرف أنه حريص غير طيب النفس لحرصه وشحه، فهذا يلزم المسامحة منه، فإن سامح وإلا تصالح المكلف بشيء يتراضيا عليه من المال.

  ٣ - ومن التبس على المكلف حاله فلم يدر من أي القسمين هو، فاللازم المسامحة منه و ... إلخ.

  نعم، يمكن أن يقال: إذا كان العرف جارياً بالمسامحة فيما فات من ذلك فلا تلزم المسامحة، وهذا هو المعروف في بلادنا فإن صاحب المال لا يطالب أولياء الصبيان بما أخذوا ولا يضمنهم، فإن كان صاحب المال حريصاً شكا إلى أوليائهم ليمنعوهم ويؤدبوهم، ولو عرض عليه أولياء الصبيان القيمة لأبى من قبولها وأنف، فإذا كان الأمر كذلك فلا يلزم المكلف المسامحة ولا القيمة لما أخذه في حال الصغر.

  نعم، قد روي كما في حواشي البحر الزخار عن النبي ÷ أنه قال: «إذا أتيت على حائط بستان غير محوط ببناء فناد صاحبه ثلاثاً فإن أجابك وإلا فكل من غير أن تفسد»، وفي هذا الحديث شيء من التأييد لما ذكرنا، غير أن اللازم تجنب الأكل من أموال الناس ومن ثمارهم وبساتينهم، لما علم في دين الإسلام من تحريم أموال الناس لقوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}⁣[النساء: ٢٩]، وفي الحديث المشهور: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه».