من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[تأجير الحقوق]

صفحة 129 - الجزء 2

  قلنا: بل الواجب على الوالي وغيره من المسلمين أن يعينوا حامل الأمانة على حفظها؛ لما جاء في الحديث: يجير على المسلمين أدناهم وهم يَدٌ على من سواهم، فإذا صدر تأمين الحربي من واحد من المسلمين كان ذلك بمثابة التأمين من جميع المسلمين.

  إذا كانت الأمانة التي يحملها المسلم خمراً أو عبوة متفجرة أرسلت مع المسلم إلى رجل مأمور بنسف مسجد أو بيت مؤمن أو نحو ذلك، ولم ينكشف ذلك لحامل الأمانة إلا بعد حملها فأما الخمر فيريقه أو يحرقه، وأما العبوة فيردها إلى صاحبها أو يحبسها عنده حتى يأتي صاحبها فيردها إليه.

  وإنما فرقنا بين الشيئين لأن عين الخمر حرام لا يجوز لنا فيها أي استعمال، بخلاف العبوة الناسفة فليست عينها بحرام، ويجوز استعمالها في مجالات متعددة، وإنما المحرم علينا هو استعمالها في الإثم والعدوان.

[تأجير الحقوق]

  المذهب أنه لا يصح تأجير الحقوق، وفي حاشية: أنه يصح تأجيرها، هكذا في حواشي شرح الأزهار.

  قلت: الذي يترجح لي أنه يصح تأجير بعض الحقوق الخاصة، وذلك مثل ساحات البيوت وأحرامها، ومحاجر القرية، وأصباب المزارع، ونحو ذلك، وذلك لما تدعو إليه الحاجة، ولما عليه عامة القبائل من تأجير حق الرعي ونحو ذلك.

  وبعد، فإنه لم يدل دليل على المنع من ذلك إلا ما يقولونه من أن البيع لا يصح إلا في ملك؛ لأن بيع ما لا يملك الإنسان وأخذ الثمن فيه لا يجوز؛ لأنه من أكل أموال الناس بالباطل، وقد نهى الله تعالى عن ذلك.

  ونقول نحن: إن الحق الخاص أخو الملك، يختص به صاحبه من دون غيره، ويتصرف فيه كيف شاء، ولا يجوز لأحد أن يتصرف فيه إلا بإذنه، وقد قالوا: إنه تصح هبته ونذره وصدقته، وقالوا أيضاً: إنه يصح بيعه تبعاً لغيره.