من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[تفسير حديث: إنما هذه الصدقة أوساخ الناس]

صفحة 252 - الجزء 1

  قلنا: الفقراء وإن اختلفت حاجتهم فهم سواء في صحة وضع الزكاة فيهم؛ لأنهم إنما استحقوها بسبب الفقر، والفقر اسم يشملهم جميعاً، مع أن الفقر صفة واضحة.

  وهذا بخلاف المصالح العامة فقد يكون في بناء بعض المساجد مصلحة عامة، وقد لا يكون في بناء مسجد آخر مصلحة عامة، وكذلك المناهل وإصلاح الطرق، وقد يكون في الميكرفون مصلحة عامة؛ وذلك إذا كان في قرية كبيرة، وقد لا يكون فيه مصلحة؛ وذلك إما لصغر القرية، أو لوجود مكرفون في مساجد أُخَر في القرية، وهكذا سائر المصالح.

  ومن هنا قلنا: لا يجوز صرف الزكاة في المصالح العامة إلا تحت فتوى عالم مجتهد، وعلى حسب ما يقتضيه نظره في تقدير حاجة المصلحة.

[حكم اختلاف مذهب الصارف للزكاة والمصروفة إليه]

  المذهب: إذا اختلف مذهب الصارف والمصروف إليه فالعبرة بمذهب الصارف هنا (الكفارة)، وفي الزكاة ونحوهما. اهـ (من التاج).

[تفسير حديث: إنما هذه الصدقة أوساخ الناس]

  سؤال: ما معنى: «إنما هذه الصدقة أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد»؟

  الجواب والله الموفق: سمى النبي ÷ الصدقة (الزكاة) بأوساخ الناس نظراً إلى أن الله تعالى قد وصف الزكاة بأنها مطهرة في قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ}⁣[التوبة ١٠٣]، فكانت الزكاة تطهرة لأهلها عن الأوساخ، فمن هنا صح للنبي ÷ أن يصف الصدقة بأنها أوساخ الناس.

  وتسمية الزكاة مطهرة تسمية مجازية، ووصف النبي ÷ لها بأنها أوساخ الناس ترشيح؛ لأن كلام الرسول ÷ هنا تابع لكلام الله ومبين له، فكأن الكلامين متصلان، والعلاقة في ذلك المجاز هو التشبيه.

  فلما كانت الزكاة حقاً عند الأغنياء يلزمهم إخراجه، ويتضيق عليهم