حقيقة البيع
  البيع تبعاً لصحة التملك والاقتناء، وقد زالت علة تحريم أكل الثمن بمجيء الرخصة. وهكذا يقال في لحم الميتة للمضطر: إنه يجوز بيعها وشراؤها لصاحب الرخصة؛ لزوال العلة المانعة من ذلك - وهي التحريم - في حق المترخص.
[حكم بيع الإنسان كليته لمريض]
  سؤال: هل يجوز للمسلم أن يبيع كلية من كلاه لمريض؟ وهل يجوز له أن يبيع دم نفسه لمريض؟ وهكذا بيع أي عضو من أعضاء بدنه؟ وإذا مات المسلم فهل يجوز نقل عضو من أعضائه لمريض؟
  الجواب وبالله التوفيق: أن نقل الدم والعضو من شخص لشخص من الأمور المستحدثة التي لم يأت فيها عن الشارع الحكيم أحكام تخصها، إلا أن هناك في أحكام ديننا الحنيف أحكام كُلِّيَّة يمكن إدراج تلك المسائل المستحدثة فيها، واستخراج أحكامها منها، مثل قوله تعالى بعد ذكر بعض المحرمات: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}[الأنعام: ١١٩]، ومثل قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}[النساء: ٢٩]، و «لا ضرر ولا ضرار»، وما علم من حرمة المسلم وكرامته العظيمة حياً وميتاً، وعلى ذلك فيمكننا أن نقول:
  قد ثبت أنه يجوز أن يخرج المسلم من بدنه فضلة دمه عن طريق الحجامة، وقد اشتهر عن النبي ÷ أنه كان يحتجم، ولا خلاف في جواز ذلك.
  فعلى ذلك يجوز للمسلم أن يخرج فضلة دمه، وعند الضرورة يجوز الانتفاع بذلك الدم، ويجوز للمضطر إليه أن يشتريه وينتفع به في بدنه، أما البائع فلا ينبغي له أن يأخذ ثمناً لما أعطاه من الدم، ولكن لا مانع من مكافأته على ذلك لا على سبيل الثمن، وإنما على سبيل الإحسان.