من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[من له جرب لا تكفيه غلتها]

صفحة 243 - الجزء 1

  فليس بغني في الشرع.

  هذا، ومن له جربتان - كما ذكر السائل - لا يعد في العرف غنياً، ولو كانت قيمة الجربة نصاباً فما فوقه.

  وبناءً على ما ذكرنا فإنه يجوز لمن كان كذلك أن يأخذ من الزكاة؛ إذ ليس بغني لا شرعاً ولا عرفاً، والله أعلم.

[من له جِرَبٌ لا تكفيه غلَّتها]

  سؤال: رجل له ثلاث جِرَب صغار لا تكفيه غلتها إلى الغلة الثانية؛ فهل يجوز له أخذ الزكاة - مع أن هذه الجرب لو باعها تقوم بأكثر من نصاب - أم لا؟

  الجواب والله الموفق: ذكر في حواشي شرح الأزهار عن المرتضى وأبي طالب ما لفظه: من لا تكفيه غلة أطيانه سنة وإن - قومت نصاباً - حلت له الزكاة؛ إذ هو فقير ولا عبرة بالقيمة.

  وروي هذا عن الإمام أحمد بن الحسين، والمنصور بالله، والفقيه يحيى، وقواه إمامنا المتوكل على الله؛ رواه عنه القاضي أحمد بن صالح بن أبي الرجال. انتهى بلفظه⁣(⁣١).

  قلت: بيع الجِرَبِ يُعَدُّ في عُرْفِ الكثير مما يعاب به الإنسان، ويتعرض بسببه إلى الذم والاستخفاف والاحتقار، فإذا كان الله سبحانه وتعالى يكره من العبد أن يعرض نفسه لذلك كما في قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة ١٨٥]، والأدلة على ذلك كثيرة - فإن الإنسان لا يعد بمثل تلك الجرب الصغيرة غنياً؛ لوجود المانع من البيع، وهذا مع شدة الحاجة إلى تلك الجرب.

  وقد أجاز أهل العلم لابن السبيل الذي لم يحضر ماله أن يأخذ من الزكاة وإن كان غنياً في بلده؛ فيؤخذ من هذا أن العلة في جواز أخذ الزكاة هي الحاجة، وهذه العلة موجودة في ابن السبيل وفي صاحب الجرب.


(١) حاشية شرح الأزهار ١/ ٥٠٧. ولفظ البحر: المرتضى وأبو طالب: من لا تكفيه غلة أرضه للسنة ... الخ.