كتاب الوعد والوعيد
  من أن الموت هو عدم الحياة، وأن الحياة شرط في الإحساس والإدراك و ... إلخ.
الجواب الثالث:
  لا يتأذى الميت من انتهاك حرمة قبره، ولا مما يقع من العصيان بجوار قبره، ولا يحس بذلك ولا يدركه.
  أما إدراكه لما يلحقه من الدعاء والسلام والثواب - فإنه يدركه بروحه لا بواسطة جسده؛ لأن آلات الإدراك الكائنة في جسده قد بطلت وفسدت، ولا تعود الروح إلى الجسد إلا يوم القيامة.
  - والذي استوضح علمه أن الروح قد فارقت الجسد، وأن الله قد أخذها إليه، ولا نعلم بعد ذلك تحديد مكانها، والمعلوم في الجملة أن أرواح أولياء الله الصالحين في محل كرامة الله ورحمته بدليل: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ١٦٩}[آل عمران].
  - وقد روي أن أرواح المؤمنين في حواصل طير خضر تتنعم في الجنة: {جَنَّةُ الْمَأْوَى ١٥}[النجم].
  - ويمكن أن تكون أرواحهم في السماء بدليل ما روي أن النبي ÷ رأى بعض الأنبياء في السماء ليلة المعراج، ويحتمل أنها في غير ما ذكرنا حيث يتحفها الله بتحف كرامته، وعلى الجملة فليس هناك دليل قاطع على تعيين مستقر أرواح المؤمنين.
  - وبركة الدعاء والسلام تصل إلى أرواح المدعو لهم والمسلم عليهم سواء أكان ذلك عند القبر أم بعيداً عنه، ومن أدعية التشهد المشهورة: «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته»، ذكره الهادي # وغيره، ولم يشرع ذلك إلا وهو يصل إلى المسلَّم عليهم، وقد روي عن النبي ÷ أنه قال ما معناه: «من قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أصابت كل عبد صالح في السموات والأرض»،