من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[رجل حلف بوقف ماله إن فعل كذا ثم فعله]

صفحة 278 - الجزء 2

[رجل حلف بوقف ماله إن فعل كذا ثم فعله]

  سؤال: رجل حلف بوقف ماله إن فعل كذا وكذا، ثم بعد حين فعل ما حلف عليه، فماذا يلزمه وكيف يصنع ... إلخ؟

  الجواب والله الموفق والمعين: أن كثيراً من أئمتنا $ قد قالوا: إن النذر إذا خرج مخرج اليمين فإن صاحبه مخير بين أن يوفي بنذره أو أن يكفر كفارة يمين، فبناءً على ذلك نقول: إن صاحب السؤال مخير بين أن يوفي بوقفه أو أن يكفر كفارة يمين.

  نعم، إنما قلنا هذا بالقياس على ما قاله أئمتنا في النذر، من أن الرجل مخير بين الوفاء بالنذر عند الحنث أو التكفير كفارة يمين.

  هذا، وقد يدل على ما قلنا قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}⁣[التحريم ٢]، {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ ... الآية}⁣[المائدة ٨٩].

  وبعد، فإن وقف الإنسان لجميع ماله معصية نهى الله تعالى عنها فقال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ٢٩}⁣[الإسراء]، وجاء في السنة ما يدل على ما قلنا لا حاجة إلى إيراده مع الآية.

  فإذا كان وقف جميع ما يملكه الإنسان معصية فإن الوقف لا يصح، وذلك أن الوقف طاعة، ولا تجتمع الطاعة والمعصية في فعل واحد، وقد تقرر في الأصول أن النهي يدل على فساد المنهي عنه، فيكون الوقف المسئول عنه حينئذ باطلاً.

  نعم، هناك حيلة للتخلص من مثل هذا الوقف ذكرها العلماء كما في الشرح وحواشيه، وهي: أن الحالف إذا حلف بنذر ماله أو وقفه، ثم أراد أن يتفصى من ذلك، فإنه يخرج ماله عن ملكه فيملكه زوجته أو أولاده ثم يحنث في يمينه، وقد قالوا إن هذه الحيلة حيلة شرعية مخلصة، ثم إذا أراد استرجع ماله من أولاده. فإذا فعل ذلك انحلت يمينه، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وسلم.