الحكم في وداعة مجنون
كتاب الوديعة
الحكم في وداعة مجنون
  سؤال: إذا أودع رجل مجنون تماماً عند رجل عدداً من الفلوس التي يسألها من الناس، والرجل يعرف المجنون بأن اسمه علي حجوري، وأن بلده حجور؛ ثم إن المجنون غاب وضاع عن بلادنا وقد مضى من المدة أكثر من عشر سنوات، فماذا يلزم الرجل الوديع فيما ذكر؟ وقد كان المجنون قبل جنونه يحب الوديع ويثق فيه غاية الثقة، والوديع يظن ظناً مقارباً للعلم أن المجنون لو عاد إلى حالته الأولى لسامح الوديع بل ولطلب منه المسامحة؟
  الجواب: الفلوس عند الوديع أمانة، والظاهر أن الوديع لا يلزمه البحث والسؤال كما في الضالة واللقطة، ولا يلزمه أن يسافر إلى حجور، وإنما يلزمه حفظها إلى أن يظهر صاحبها أو وارثه.
  واسم المجنون (علي حجوري) من بلد حجور غير كاف لمعرفته، وحينئذ فالبحث عنه لا يفيد، فإذا أيس الوديع تماماً من معرفته فإنه يتصدق بها، وإذا عرفه فيما بعد فيضمنها له.
  فإن قيل: قبض المجنون لما يقبضه من الفلوس قبض غير صحيح، وإنما يقبض له وليه، وحينئذ فلا يملك المجنون ما قبض؛ فيكون مالاً لا مالك له، وما كان كذلك فهو للمصالح.
  قلنا: قد جرت العادة بالإذن للصبيان والمجانين بقبض الجعالات والريالات، والإذن لهم من الأولياء بالتصرف في ذلك؛ مضى على ذلك العامة والخاصة، وحينئذ فيكون القبض من المجنون والصبي صحيحاً، فيملك ما قبضه من ذلك، وإذا كثر ما يقبضه المجنون أو الصبي وجب على وليه حفظه.
  فإن قيل: إذا عاد المجنون فهل يجوز للوديع أن يرد الوديعة إليه؟
  قلنا: إذا عدم ولي المجنون فيجوز أن يدفع إلى المجنون من الوديعة ما يحتاجه