حقيقة البيع
بيع المحاجر والمفاسح
  جرى الناس في بلادنا وفي غيرها على بيع المحاجر والمفاسح من غير استنكار ظاهر من أهل العلم مع طول الزمان، واستمرار الناس في ذلك؛ وبناءً على ذلك فينبغي أن يكون ذلك جائزاً، وعليه فيكون قول أهل المذهب: «إن بيع الحق لا يجوز» ليس على إطلاقه(١).
  والذي أميل إليه: أن الحقوق تنقسم إلى قسمين: حقوق عامة، وحقوق خاصة.
  فالممنوع بيعه هو: الحقوق العامة، وبعض الحقوق الخاصة، أما البعض فيجوز فيه البيع والشراء.
  والدليل على جواز ذلك: ما روي أن عثمان اشترى بئر معونة وجعلها للمسلمين.
  أما الغدران التي في الوديان والقفار فلا يجوز بيعها وشراؤها، وذلك لأنها عامة، والناس فيها على سواء، لا يختص بها أحد عن غيره، بخلاف الآبار والبرك ونحو ذلك فإنها تكون خاصة بمن حفر وبنى.
  ومساقي الماء التي تسقى منها الجرب والغروس تنقسم إلى قسمين أيضاً:
  - فمن الجرب والغروس ما يسقى من مساقٍ خاصة فقد يكون لبعض الجرب مسقى يخصها وحدها، وقد يكون المسقى بين جربتين أو أكثر لا يتعدى إلى غير ذلك، فمثل هذا هو حقوق خاصة.
  - وقد تكون المزارع تسقى من سيل عظيم يسقي القبيلة ثم القبيلة الأخرى ثم ... إلخ، فمثل هذا حقوق عامة.
  فما كان من الحقوق الخاصة في هذا يجوز بيعه، وما كان من العامة فلا، وعلى هذا جرت عادة الناس كما ذكرنا.
  ومن الحقوق الخاصة التي يجوز بيعها: مفاسح البيوت وأحرامها ونحو ذلك، ومن الحقوق الخاصة: المحاجر التي تخص أشخاصاً معينين.
(١) شرح الأزهار ٣/ ٣٥.