كتاب الوعد والوعيد
  ذلك، وتفرق بين من أحسن إليها وبين من أساء إليها، فتتعامل مع المحسن معاملة حسنة، بل إن بعض الحيوانات تضحي بحياتها في سبيل المحسنين إليها.
  فإن قيل: إن خالق العقل ﷻ غني غير محتاج، لا ينفعه شكر من شكره، ولا يضره كفر من كفره.
  فيقال: إن السبب الباعث للشكر والداعي إلى وجوبه هو حصول النعمة عند العبد من غير نظر إلى غنى مسديها أو حاجته، بل إن غناه أدعى إلى وجوب الشكر وأدخل في تحتمه، أما إذا كان المنعم محتاجاً فربما كان إنعامه على المرء لطلب المكافأة والرد بالمثل أو أكثر فيكون ذلك من باب المعاملة، ولا يخرجها ذلك من باب الإنعام المستدعي للشكر، إلا أنه لا يكون مثل الذي يعطي لمجرد الإحسان والإنعام.
  وحينئذ فما ذكر من غنى المنعم وعدم حاجته ليست سبباً في عدم وجوب الشكر، ولا مانعاً من وجوبه.
العقل البشري آية من آيات الله
  العقل أثر عظيم من آثار قدرة الله، وآية من آيات علمه وحكمته، له قدرات غير محدودة، وفيه سعة واسعة لا يضيق بما فيه، بل يتسع ويزيد، ويتطور، وبقدرات العقل وطئ الإنسان بقدمه سطح القمر، وغزا الكواكب التي تدور حول الشمس، وبقدراته طار الإنسان في السماء، وغاص في قعور المحيطات والبحار، وبواسطته تقدم البشر في صناعة وسائل المواصلات البرية والبحرية والجوية ووسائل الاتصالات المسموعة والمرئية، ووسائل الإعلام بأنواعها الكثيرة المرئية والمسموعة، وفي صناعة الذرة، وفي مختلف المجالات في الطب والهندسة والعمران والكيمياء والفيزياء، وفي المجال الحربي والسلمي، وإلى آخر ما نرى ونسمع من تطور الصناعة والحضارة؛ فإن كل ذلك ناتج عن قدرات العقول البشرية ونظرها في أسرار المادة التي أودعها الله تعالى في مخلوقاته.
  - ما ذكرنا هو دليل على عظمة العقل البشري وقدراته في اكتشاف أسرار المادة وتطوير الصناعة، وتوفير أسباب السعادة الدنيوية، وفي ذلك آية بينة على عظمة