باب النذر
[نذر مصاحب لبيع]
  سؤال: رجل باع قطعة أرض بثمن معلوم بيعاً صحيحاً، ثم ذكر في آخر البيع أنه أشهد ونذر وباع بما ذكر، فما هو حكم هذا النذر المصاحب للبيع؟
  الجواب والله الموفق: العبرة بالبيع فيما ذكر ولا حكم للنذر؛ وذلك لحصول المعاوضة ووجود حقيقة البيع، وحينئذ يكون ذكر النذر لغوًا.
[شرح حديث في النذر «إنه لا يأتي بخير»]
  روي أن النبي ÷ نهى عن النذر وقال: «إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل». متفق عليه.
  قلت: قد أمر الله تعالى بالوفاء بالنذر في قوله تعالى: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}[الحج ٢٩]، وأثنى تعالى على الموفين بالنذر في قوله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ٧}[الإنسان].
  وقد ذكر الله تعالى النذر عن أهل الشرائع السابقة فقال تعالى عن أم مريم: {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ٣٥}[آل عمران]، وقال تعالى عن مريم: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ٢٦}[مريم].
  فلو كان النذر محرماً كما هو ظاهر الحديث لما أثنى الله تعالى على الموفين به، ولما أمرهم بالوفاء به.
  إذا عرفت ذلك فنقول: يمكن تأويل النهي بأنه للإرشاد إلى الأولى: وهو ترك النذر؛ لما فيه من زيادة التكليف حيث يصير بالنذر ما ليس بواجبٍ واجباً، وقد لا يقوم به المكلف فيتعرض لسخط الله، فيكون النذر من هذه الناحية مكروهاً؛ لذلك وقع تجنبه فيما وقع فيه ونزل فيه القرآن.
  أما من حيث هو نذر فليس بمكروه، بل مستحب ومندوب إليه، وذلك أن الله تعالى كما قدمنا أثنى على الموفين بالنذر، وأمر بالوفاء به.