من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب التوحيد

صفحة 41 - الجزء 3

[المعلوم من أصول الدين ضرورة واستدلالاً، ومعارف الملائكة والأنبياء]

  سؤال: ما هو المعلوم بالضرورة من أصول الدين؟ وما هو المعلوم بالاستدلال؟ وهل معارف الملائكة ضرورية أم استدلالية؟ وكذلك الأنبياء $؟

  الجواب والله الموفق: أنه لا يوجد في أصول الدين ما هو معلوم بالضرورة، وكل معارفه استدلالية، فالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وما يلحق بذلك أو يتعلق به من الإمامة والشفاعة والخلود في النار و ... الخ، كل ذلك استدلالي، ومن هنا مدح الله سبحانه وتعالى الذين يؤمنون بالغيب في كتابه الكريم، وأثنى عليهم في آيات كثيرة، وجعل رسول الله ÷ ذلك أفضل الأعمال، ولا يستحق المكلف الثناء والمدح إلا على ما في تحصيله والاستقامة عليه كلفة ومشقة، والكلفة والمشقة لا تصاحب إلا المعارف الاستدلالية، أما العلوم الضرورية فلا تحتاج إلى شيء من ذلك وإنما تحتاج إلى وجود العقل لا غير، فبوجوده تحصل العلوم الضرورية بدون اختيار العاقل، فلا عمل له إذاً ولا جهد، وقد قال سبحانه وتعالى في ذكر الجزاء: {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ١٦}⁣[الطور]، {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٢٤}⁣[الواقعة]، وغير ذلك من الآيات الكثيرة التي تبين أن الجزاء في الآخرة من الثواب والعقاب إنما يكون على حسب الأعمال.

  نعم، لا مانع من أن يتحول شيء من علوم أصول الدين من الاستدلال إلى الضرورة، ومن ذلك ما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # أنه قال: (والله لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً).

  فإن قيل: ما هي الطريق إلى ذلك؟

  قلنا: الطريق إلى ذلك ملازمة التقوى والاستقامة على الهدى، والاجتهاد في ذلك.

  والدليل على ذلك: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}⁣[محمد: ١٧]، وقوله تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}⁣[الأنفال: ٢٩]، وقال سبحانه