من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

ذكر المؤمن لأعماله الصالحة

صفحة 313 - الجزء 3

  ٣ - أن يكون المدح على سبيل الغرور فهذا لا يجوز؛ لقوله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ٣٢}⁣[النجم]، وذلك أن يعتقد الإنسان في نفسه أنه - لما هو عليه من العمل والتقوى - من عباد الله الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فيذكر نفسه بذلك ويمدحه بها، فهذا لا يجوز وفيه خطر عظيم.

  ٤ - أن يكون المدح على جهة المفاخرة فإنه لا ينبغي ولا يجوز إلا إذا كان ذلك بين المحقين والمبطلين، فإنه يجوز؛ لما فيه من إعزاز جانب الحق وتوهين جانب الباطل.

  ٥ - أن يكون المدح لغرض دفع التهمة التي ألصقت بالرجل فإنه يجوز دفعها بذكر الممادح الكريمة.

ذكر المؤمن لأعماله الصالحة

  لا ينبغي للمؤمن أن يذكر أعماله الصالحة ويتحدث بها عند الناس لغير غرض مما ذكرنا سابقاً أو لغرض نحوها.

  لا تزال طبيعة الإنسان وغريزته تنازعه إلى التحدث بأعماله الصالحة، فعلى المؤمن أن لا يطاوع تلك الغريزة ولا يستجيب لها لما في ذلك من الخطر على ذهاب ثواب تلك الأعمال.

  فإن قيل: إذا كان المؤمن قد عمل الأعمال الصالحة بنية خالصة، ثم إنه بعد فترات من الزمان تحدث بها فمن أين يأتي ذهاب ثوابها مع أنها قد فعلت على وجه الإخلاص؟

  يقال في الجواب: يكتب الله تعالى ثواب العمل الصالح الذي يعمله صاحبه سراً بينه وبين ربه يكتبه الله ثواب السر، فإذا أفشاه صاحبه كتبه الله له ثواب العلانية، وبين ثواب السر وثواب العلانية فرق كبير، فثواب السر يزيد على ثواب العلانية بسبعين ضعفاً، هكذا جاء في الآثار.