كتاب المنزلة بين المنزلتين
  ولعل هذا الذي قلناه هو المراد عند الطبقة العليا من المخرجين، فإنه وإن لم يكن مذهبهم ذلك فقد وضعوا المذهب للمقلدين سواء من يقول إن كل عمد كبيرة أم من يقول بخلافه. هذا ما ظهر لي والله ولي التوفيق.
[جهاد المنافقين]
  سؤال: قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}[التوبة: ٧٣]، لم يرو في سيرة النبي ÷ أنه قاتل المنافقين، والذي روي في سيرته أنه لم يقاتل ÷ إلا المشركين فما هو هذا الجهاد؟
  الجواب: أن الجهاد كلمة تطلق على ما يظهر من اشتقاقها على إبلاغ الجهد في النصيحة وفي القتال، وفي أي عمل يخص الإنسان أو يعم نفعه غيره.
  فالذي يجهد في طلب العلم يقال له مجاهد، والذي يسعى جهده لنصح المسلمين يقال له مجاهد، والذي يبالغ ويحرص على بر والديه وصلة أرحامه يقال له مجاهد، و ... إلخ.
  فالنبي ÷ قد امتثل أمر الله في هذه الآية فأبلغ وسعه في قتال المشركين، وسعى غاية وسعه في النصح للمنافقين، وفي الرد لمكائدهم، وفي إبطال فسادهم، وفي التحذير منهم، وعلى ما ذكرنا جاء الحديث المشهور: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» وهو جهاد النفس.
  وأما قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ...} الآيات [النساء: ٩٥]، فإن المراد بالمجاهدين هنا المجاهدون بالسيف والقتال بقرينة مقابلته بالقاعدين.
  وقوله تعالى: {وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}[الصف: ١١]، يراد به هنا القتال بقرينة ما بعده.
في السير
  جهاد البغاة أفضل من جهاد الكفار، وذلك لوجوه: