باب المضاربة
  قلت: بناءً على هذا فإن كان البيع الذي وقع السؤال عنه في سلع المضاربة وهي خالية عن الربح فالبيع صحيح، وإن كان مع حصول الربح فيها فالبيع غير صحيح.
  نعم، العلة التي ربطوا بها عدم صحة البيع هي أن العامل اشترى ملكه وملك غيره.
  والدليل على صحة هذه العلة: قوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً ...} الآية [النساء ٢٩]، ولا شك أن شراء الإنسان ملكه من غيره متضمن لأكل المال بالباطل المنهي عنه في قوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا}، وبناءً على ذلك فلا يجوز للبائع أن يأخذ الثمن من المشتري.
  فإن قيل: يصح البيع فيما يملكه البائع، ويبطل فيما يملكه المشتري؛ فلا وجه حينئذٍ لبطلانه في الجميع.
  قلنا: العقد الواحد لا يتجزأ، فلا يصح أن يحكم لبعض السلعة بالصحة وللبعض الآخر بالبطلان، مع أن اللفظ واحد والعقد واحد، والمبيع شيء واحد وهو نصف البضاعة في السؤال.
[حكم الاقتراض لمال المضاربة]
  سؤال: أخذ رجل من آخر مال مضاربة يبيع فيه ويشتري، فهل يجوز له من بعد أن يأخذ منه شيئاً من المال قرضة يقترضها منه لشراء بضاعة لمال المضاربة، فقد شكك علينا بعض المتعلمين بأن ذلك لا يجوز لتضمنه الربا، أو لأنه قرض جر منفعة؟
  الجواب والله الموفق والمعين: أن الصورة المذكورة في السؤال ليست كما شكك به البعض، بل إنها قرض لا يجر منفعة، أما الأرباح التي حصلت من القرض إن حصل شيء فلم تحصل للمقرض من جهة القرض، وإنما حصلت له من جهة أخرى وهي المضاربة، فصاحب القرض لم يستفد بالقرض أي ربح، ولم يجر بقرضه أي منفعة، وما حصل من ربح القرض فهو تابع لمال المضاربة لا لمال القرض.