من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[باب الربويات]

صفحة 70 - الجزء 2

[هل يجوز للمكره أن يقترض من البنك الربوي]

  سؤال: رجل عليه ديون شددوا عليه في سدادها أو السجن، وليس بيده ما يوفي أهل الديون إلا ما لا بد منه له ولأهله وأولاده، وإذا دخل السجن ضيع أهله؛ فهل يجوز له في هذه الحالة أن يستقرض من البنك الربوي أم لا؟

  الجواب والله الموفق: يحق لأهل الدين أن يطالبوا الحاكم بحبس المديون حتى يتبين إعساره، فإذا تبين إعساره فالواجب إنظاره إلى أن ييسر الله عليه كما قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}⁣[البقرة ٢٨٠]، فإذا كان الحبس كما ذكرنا فلا يجوز الدخول في الربا؛ لأن فيما حكم الله به سعة على الداين والمديون.

  فإذا كان القاضي سيحبسه حتى يوفي ولو تبين له إعساره فهو في هذه الحالة بمنزلة المكره على الاقتراض من البنك الربوي، ويجوز للمكره ما لا يجوز لغيره. وقد قال أهل الفقه: إنه يجوز بالإكراه كل محظور إلا الزنا وقتل الآدمي وإيلامه، وقد عذر الله تعالى من نطق بكلمة الكفر مكرهاً، فقال سبحانه: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}⁣[النحل ١٠٦]، فإذا اقترض من البنك في هذه الحالة ليتخلص من الظلم جاز له الاقتراض.

  أما الاقتراض في غير ما ذكرنا ونحوها فلا يجوز ولا ينبغي لمسلم، وقد لعن رسول الله ÷ الربا وآكله ومؤكله و ... إلخ.

الإيداع في البنوك الربوية:

  سؤال: ما هو حكم الإيداع في البنوك الربوية والتحويل منها والتحويل إليها وإلخ؟

  الجواب والله الموفق: إذا كان القصد هو حفظ المال في البنك فلا مانع، والممنوع من المعاملة في البنوك وغيرها هو:

  - أن تقترض منه بشرط أن تقضيه أكثر مما اقترضت منه.

  - أو أن تدفع إليه مالاً بشرط أن يعطيك فوائد.

  فإذا كانت المعاملة خالية من هاتين المعاملتين الربويتين فلا مانع من معاملته؛ فقد كان النبي ÷ يعامل اليهود بالبيع والشراء ويداينهم وهو يعلم أنهم