من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[الخلاف في الدين]

صفحة 213 - الجزء 3

  الإتقان إلى مائة علم.

  إذا عرفت ذلك فإنه لا يتفطن لتلك العلوم الكثيرة ولا يحيط بمعرفة كل فن منها كما ينبغي إلا أفراد من أذكياء الرجال، فشمر علماء الإسلام منذ أن ابتدأ عصر التدوين والتأليف فاستخرجوا من كتابهم الكريم: علم الكلام، وعلم أصول الفقه، وعلم الفقه، وعلوم الأخلاق، و ... إلى آخر علوم الإسلام.

  فسهلوا بصنيعهم ذاك الطرق إلى معرفة علوم القرآن، ولولا ذلك لتعسر غاية التعسر على المرتادين الوصول إلى ما يريدون.

  وحينئذ فتلك العلوم التي أخرجها علماء الإسلام للناس ليست إلا ترجمة لما اشتمل عليه القرآن من أنواع العلوم وأسرارها وخباياها وخفاياها، وكل ذلك إنما كان منهم قياماً بحق البيان الذي أخذه على العلماء {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}⁣[آل عمران: ١٨٧].

[الخلاف في الدين]

  الخلاف في الدين هو سنة البشر وطبيعتهم منذ كانوا ولن يزالوا كذلك وتماماً كما قال العليم الحكيم: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ١١٨ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ}⁣[هود].

  وقد تفرقت بنو إسرائيل مذاهب شتى كما يشهد لذلك واقعهم التأريخي وبه جاء القرآن الكريم والسنة النبوية، وتفرق المسلمون بعد موت النبي ÷ واختلفوا قبل عصر التدوين والتأليف في علم الكلام وأصول الفقه و ... إلخ إلى مذاهب غير محصورة.

  ثم ألفوا وصنفوا العلوم إلى أصول فقه وأصول دين و ... إلخ، فلم يحدث خلاف وتفرق زيادة على ما كان موجوداً من قبل، وهذا دليل تأريخي استقرائي يدل دلالة لا شك فيها على أن علم الكلام وعلم أصول الفقه لم يكونا سبباً للخلاف يوماً ما.