باب صفة الصلاة
  أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ٢٣ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ٢٤ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ٢٥}[الإسراء]، وقال سبحانه: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[لقمان: ١٥]، وقال سبحانه: {... حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ...}[الأحقاف: ١٥] إلى غير ذلك من الآيات.
[حكم تضيق الصلاة وهناك منكر]
  قال أهل المذهب: لا تصح الصلاة ولو تضيق وقتها وثَمَّ منكر مع توفر شروط النهي عن المنكر؛ وذلك لأن المصلي حينئذ يكون فاعلًا لمحظور، وهو تركه للنهي عن المنكر، وهذا بناءً على أن التروك أفعال.
  قلت: ليست هذه المسألة مثل مسألة الصلاة في الدار المغصوبة، فالصلاة في الدار المغصوبة قد اجتمع فيها أمران متنافيان، مأمور بها من حيث إنها صلاة، ومنهي عنها من حيث إنها استعمال للمغصوب، فلا تصح؛ للنهي عن استعمال المغصوب.
  أما إذا تضيق على المكلف وجوب الصلاة ووجوب النهي عن المنكر؛ فالذي يترجح أن المكلف يبدأ بما يرى أنه أهم وأولى، وكل مكلف على حسب رأيه؛ فإذا رأى أن الصلاة أهم وأولى صلى، وإذا رأى أن النهي عن المنكر أولى وأهم قدمه.
  وإنما قلنا ذلك لأنه تضيق عليه أمران واجبان هما: فعل الصلاة والنهي عن المنكر، سواء قلنا: إن التروك أفعال أم لا.
  فإذا قلنا: إن التروك أفعال فبأي الواجبين المضيقين بدأ فإنه يلزم منه ترك الآخر، وتركه محظور، فإن بدأ بالنهي عن المنكر كان فاعلًا لمحظور، وهو ترك الصلاة، وإن قدم الصلاة كان فاعلًا لمحظور، وهو ترك النهي عن المنكر، فيكون الأمران سواءً من هذه الناحية.
  وإن قلنا: إن التروك ليست أفعالًا فلا يلزم من فعل أحدهما فعل المحظور.