من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[باب الربويات]

صفحة 78 - الجزء 2

  وهكذا لا بأس أن يتراضى الدائن والمدين عند القضاء أن يستوفي الدائن دينه من المدين من فئة الألف وينقص له مقابل ذلك ألفاً مثلاً، أو أن يستوفي دينه من المدين بأوراق متهافتة لا تكاد الورقة منها يستمسك بعضها في بعض في يد الرجل من شدة بلائها بزيادة ألف ريال مثلاً.

  كل هذا لا مانع منه؛ إذ ليس فيه ظلم، ولا هو وسيلة إلى الظلم، والربا إنما حرم لما فيه من الظلم على أحد المتعاملين.

[الحوالات النقدية والاستلام بالبطاقة]

  سؤال: في التحويلات النقدية من بلد إلى بلد، وفي الاستلام للفلوس بالبطاقة؟

  والجواب: الظاهر جواز ذلك؛ لأن الزيادة يسيرة زيدت مقابل الخدمة، والمصلحة متساوية للمعطي والآخذ، ليس فيها ظالم ولا مظلوم، وليس في ذلك وجه من وجوه الربا المعروفة، ولو فرضنا أنه شبيه بقَرْضٍ جَرَّ منفعة؛ فإن المقرض هنا يقرض فلوسه الصيرفي ويطلب منه منفعة يعطيه مقابلها، وحينئذ فالفلوس مقابلها فلوس مثلها، والمنفعة مقابلها منفعة.

  وهكذا البطاقة فإن البنك يكون وديعاً وأجيراً؛ فالبنك يأخذ شيئاً يسيراً مقابل:

  ١ - الحفظ.

  ٢ - توفير الصناديق الآلية في كل مدينة.

  هذا، ولو فرضنا أن البنك يأخذ ما يأخذ بدون مقابل فإنه لا يكون ذلك من الربا، وذلك أن لدافع الفلوس ومقرضها غيره أن يخصم للمقترض ما يشاء لا حرج عليه في ذلك على الإطلاق بشرط أو بغير شرط، ولصاحب الدين أيضاً أن يخصم على المديون ويحط له ما شاء، وليس هذا من أبواب الربا.

  والربا إنما هو إذا طلب دافع الفلوس ومقرضها زيادة، وبذلك ورد القرآن والسنة، وقد جاءت السنة بمثل ما ذكرنا في دين كان لبني النضير على المسلمين حين أمر النبي ÷ بإجلائهم عن المدينة، فقالوا: إن لنا ديوناً عند الناس لم