باب [رواتب الصلاة وبقية النوافل]
  وعلى هذا فندبية الركعتين اللتين تصليان بعد المغرب وبعد الظهر إنما هي في حق من يفرق بين الصلاتين في الحضر أو في السفر، أما من يجمع بينهما فلا يندبان في حقه، سواء جمع في السفر أو في الحضر.
  وعلى هذا فعموم: «لا تدعهما في سفر ولا حضر» مخصوص بالذي يجمع بين الصلاتين في الحضر أو السفر، وحينئذ فلا تعارض بين الروايات.
  وقد يقول قائل: إن الدليل على فعل الركعتين دليل قولي، والذي دل على تركهما دليل فعلي، والدليل القولي أرجح بلا خلاف من الدليل الفعلي عند التعارض.
  قلنا: لا يصار إلى الترجيح بين الدليلين إلا عند التعارض من كل وجه، وفيما نحن فيه الدليل القولي عام، والدليل الفعلي خاص، ولا تعارض بين ما كان كذلك؛ لإمكان العمل بالخاص فيما تناوله وبالعام فيما بقي.
[هل تسن رواتب الفرائض في السفر ومع الجمع]
  سؤال: هل تسن رواتب الفرائض في السفر ومع الجمع بين الصلاتين؟
  الجواب: الذي جاءت به الرواية من فعل النبي ÷ أنه كان إذا جمع بين الصلاتين لم يسبح بينهما، سواءً كان جمعه في سفر أو حضر.
  وجاء في رواية أن النبي ÷ حث على فعل ركعتي المغرب والفجر في السفر والحضر.
  نعم، يمكن الجمع بين الروايتين، وذلك بتقييد الحديث بفعله ÷ فيكون المعنى: لا تترك ركعتي المغرب في سفر ولا حضر إلا إذا جمعت. والله أعلم؛ وبناءً على ذلك فتسن رواتب الصلاة إذا لم يجمع المصلي بين الصلاتين، فإن جمع فلا تسن، وسواء جمع في سفر أم حضر.
  أما أن ركعتي الفجر سنة في السفر والحضر فلا معارض لذلك، وقد صلاهما رسول الله ÷ في السفر وذلك يوم نام النبي ÷ والمسلمون عن صلاة الفجر فلم يوقظهم إلا حر الشمس.