من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب الإحياء والتحجر

صفحة 172 - الجزء 2

[متى تضمن المحاجر ومتى لا تضمن]

  سؤال: ادعى قوم على ورثة رجل أن مورثهم استهلك من المحاجر التي كانت مشتركة بينهم وبينه أكثر من قسمه، وذلك أنه كان وكيلاً للجميع في الشجار والبيع، فتبين من بعد موته أنه كان يأخذ أكثر من نصيبه، وهذا مع العلم أن المحاجر قد بناها المشترون وعمروها وزرعوها؛ فما هو الحكم في ذلك؟ وهل يلزم الورثة أن يدفعوا عن مورثهم ويغرموا عنه؟

  الجواب والله الموفق: للمحاجر حالتان: حالة تضمن، وحالة لا تضمن؛ فأما الحالة التي تضمن فيها فهي أن تكون مملوكة، وملكها يكون بالبناء عليها ونحوه كالشبك، فإذا كانت كذلك ثم باعها الوكيل وخان شركاءه في شيء، وتبين ذلك - فإنه يضمن، وإذا مات وله مال وجب على الورثة أن يؤدوا إلى الشركاء حقهم.

  أما الحالة التي لا تضمن فيها المحاجر فهي أن يبيع الوكيل المحجر قبل أن يبني عليه أو يحرثه أو نحو ذلك؛ فما باعه كذلك ثم تبين منه الخيانة فإنه لا يضمن ولا ورثته؛ وذلك أن المحاجر حقوق، والحقوق لا تباع، وما أخذ من الثمن في مقابلها لا يعد ثمناً، وإنما هو إباحة في يد البائع، وإذا كان في المحجر أشجار مملوكة للشركاء مثل الطلح ونحوه فلا يملك بها المحجر، وإنما تملك الشجر فقط، فيضمن البائع لشركائه ما يستحقونه من ثمن الشجر، كل ما ذكرناه هو مقتضى كلام أهل المذهب.

  والدليل على ذلك: أن الأصل في الأرض عدم الملك، وتملك بالحرث والإصلاح كالجرب، أو بالبناء عليها أو نحو ذلك، وبيع وشراء ما كان كذلك صحيح وجائز.

  أما محاجر الرعي وصبائب الماء ونحوهما فليست ملكاً لأهل المرعى ولا لأهل الماء، وإنما لهم حق الرعي وحق الماء، والرعي في مكان ليس سبباً من أسباب الملك، وكذلك سيلان الماء من أرض إلى ملك رجل ليس سبباً لملك تلك الأرض.