كتاب المنزلة بين المنزلتين
  ما توعد الله عليه بالنار أو وصفه بالعظم فهو كبيرة، وما سوى ذلك محتمل للكبر والصغر، ولعل الذي أجابك قد أجابك بناءً منه على هذا القول، وليس معنى هذا الجواب الذي أجابك به بعض العلماء أن تحريم الغناء محل نظر أو مشكوك فيه، بل أن الأمر عنده كما وصفنا.
  والواجب النهي عن الغناء وعن كل المعاصي ولو لم يقطع بفسق صاحبها كالغناء وإتيان النساء في الأدبار، وإتيانهن حال الحيض، ونكاح المعتدة، ودخول البيوت بغير استئذان، وغض البصر عن الأجنبية والغمز والتقبيل ونحو ذلك.
  وليس معنى ذلك التسهيل فيها فلا ينبغي التسهيل في شيء من المعاصي على الإطلاق بل ينبغي النهي عنها أشد النهي.
  وإذا تعمد أحد شيئاً من الصغائر وقال: لا حرج علي فيها فهو كافر، ولكن بشرط أن يكون قد تبين له أنها مما نهى الله تعالى عنه ورسوله ÷.
  هذا، والذي رجحه صاحب الأساس أن كل عمد كبيرة، وذلك للوعيد العام لكل عاص لله تعالى بالخلود في النار؛ فينبغي للمؤمن أن يبني على هذا في خاصة نفسه للاحتياط، ثم ليعامل الناس بالمذهب الأول فلا يكفر ولا يفسق للاحتياط أيضاً.
  واعلم أنه لا يؤثر كون المعصية صغيرة في وجوب إنكار المنكر بل يجب إنكار المنكر مطلقاً بالقول والفعل على حسب الترتيب، ومن الله التوفيق.
[من في حكم الفاسق]
  سؤال: قال أهل المذهب: إن صلاة الجماعة لا تنعقد خلف الفاسق أو من في حكمه؛ فالفاسق معروف، ولكن نريد معرفة قاعدة نعرف بها الذي هو في حكم الفاسق؛ فما هي؟
  الجواب والله الموفق: أن كلامهم حول تفسير الذي هو في حكم الفاسق غير واضح، ولكن ينبغي أن يكون ذلك هو فاعل المعصية المحتملة للصغر والكبر، وإن كان ذلك لا يستقيم على كلامهم لأن كل عمد عندهم كبيرة.