من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[أحسن الدعاء وأحسن الذكر وأحسن أوقات الإجابة]

صفحة 360 - الجزء 3

  يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ١٠٩}⁣[المؤمنون]، وذكر الله تعالى دعاء الملائكة فقال: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا ...}⁣[غافر ٧]، وذكر الله تعالى دعاء المؤمنين لإخوانهم السابقين: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ...}⁣[الحشر ١٠] إلى غير ذلك مما حكاه الله تعالى في كتابه الكريم من الدعاء، فإنك تجد أكثره وغالبيته هو الدعاء بالاستغفار مما يشير إلى أفضليته على غيره من الدعاء.

  هذا، ويؤيد ما قلنا من جهة النظر: أن الاستغفار إذا كان كما ينبغي يكون عبارة عن عدة أمور في كل أمر منها تعظيم لله وتوقير: فالاستغفار الذي هو الاستغفار يكون وراءه الإحساس والشعور بالتقصير في طاعة الله والتفريط في ذكره وشكره، وبالتقصير في ذكر نعمه وفي نسيان الذنوب، وفي القيام بما أمر الله من فرائضه حق القيام لكثرة الوسوسة في الصلاة ونحوها، وأن نعم الله تعالى كثيرة فكم من نعمة لله عليه لم يذكرها ولم يشكرها، وكم من نعمة مر عليها وهو غافل، وأنه مهما بلغ من التقوى لله، فإنه مع ذلك مقصر في حق الله محتاج إلى مغفرته ورحمته.

  فاستحضار مثل هذه الأمور التي ذكرناها عباده لله تعالى كبيرة، ولعلها وما شابهها ذكر الله الأكبر المذكور في قوله تعالى: {... وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ...}⁣[العنكبوت ٤٥].

  ويؤيد ما ذكرنا: أن الاستغفار يجمع خير الدنيا والآخرة بدليل قوله تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ١٠ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ١١ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ١٢}⁣[نوح] وقوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ١٥ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ١٦ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ١٧ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ١٨}⁣[الذاريات]، وفي هذه الآية دليل على أن أفضل أوقات الاستغفار هو الأسحار.

  هذا، وأما أفضل الذكر فهو كما يروى: «سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله،