من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[فضل أنواع العقل على أنواع البر]

صفحة 491 - الجزء 3

  إلى الله أفضل؛ لأن الإنسان يجد في مثل هذه الحالة نفسه ناظرة إلى الله ومتوجهة إليه لتفريج كربها.

  وقد يحس الإنسان بكثرة الذنوب وكثرة الغفلة وكثرة التضييع فيكون الاستغفار في مثل هذه الحالة أفضل؛ لأن الاستغفار مع هذا الإحساس وهذا الشعور له قيمة عند الله. وعلى كل حال فالعبادة تفضل بسبب حصول سببها.

[فضل أنواع العقل على أنواع البر]

  في تفسير أهل البيت $: عن علي # قال: قال لي رسول الله ÷: «إذا تقرب الناس إلى خالقهم بأنواع البر فتقرب إليه بأنواع العقل، تسبقهم بالدرجات والزلف، عند الناس في الدنيا، وعند الله في الآخرة».

  وقد فسر معنى هذا علي # بما رواه عنه عاصم بن ضمرة أيضاً، قال: قال علي بن أبي طالب #: (والله لقد سبق إلى جنات عدن أقوام، فما كانوا بأكثر الناس صلاة ولا صياماً ولاحجاً ولا اعتماراً، ولكنهم عقلوا عن الله مواعظه، فوجلت منهم القلوب، وخشعت منهم الجوارح، واطمأنت منهم النفوس، ففاقوا الخليقة برفيع الدرجات، وعظيم المنزلة عند الله في الآخرة). اهـ من تفسير أهل البيت $ للشرفي.

  قلت: المراد كما يظهر لي - والله أعلم - العلم بكتاب الله وسنة رسوله ÷، وإنما ذكر العقل؛ لأنه آلة عن طريقها يحصل العلم، فبالعقل يميز العاقل بعد النظر بين الحق والباطل، والحسن والقبيح، والطيب والخبيث، والمستقيم والأعوج، ويفرق به بين النبي والمتنبي، وبين الحقيقة والخرافة، وبنظر العاقل وتفكيره في كتاب الله إن كان من أهل النظر تمتلئ نفسه هيبة من الله، ويمتلئ قلبه شعوراً بعظمة الله وجلاله وسعة علمه وقدرته، ويحس في نفسه بعظيم فضل الله وإحسانه وسعة رحمته، و ... إلخ.

  فبالنظر يجمع الناظر بعقله بين حسن المعرفة بربه ودينه، وبين حسن العمل.