من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[من أكل خطأ وهو يصوم في كفارة قتل خطأ هل يبني أو يستأنف؟]

صفحة 275 - الجزء 1

[من أكل خطأ وهو يصوم في كفارة قتل خطأ هل يبني أو يستأنف؟]

  سؤال: رجل يصوم في كفارة قتل خطأ، وفي ليلة من الليالي أيقضوه ليتسحر فقام وتسحر، فلما قام من سحوره انكشف له أن سحوره أو بعضه بعد طلوع الفجر، فأتم صيامه ذلك اليوم وواصل الصيام من بعد؛ فهل يلزمه الاستئناف أم لا؟

  الجواب وبالله التوفيق: أن الذي يظهر لي - والله أعلم - أن التتابع لم يختل، وعلى الصائم أن يمسك في اليوم الذي أفطر فيه خطأ أو نسياناً، ولا يعتد به، ويواصل الصيام إلى تمام ستين يوماً.

  وإنما قلنا ذلك؛ لأمور:

  ١ - أن الله تعالى قد رفع الجناح في الخطأ، وظاهره العموم.

  ٢ - أن ليس في وسع المكلف أن لا يقع منه خطأ أو نسيان: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦].

  ٣ - أن السائل قد تابع صيام الشهرين حسب إمكانه؛ فإنه أمسك عن الطعام والشراب في اليوم الذي أفطر فيه خطأً ونسياناً، ولم يحتسبه وواصل الصيام إلى أن أتم ستين يوماً، وهذا هو ما في وسعه وتحت طاقته.

  فإن قيل: في وسع الرجل وتحت قدرته وطاقته أن يستأنف الصيام من أوله، ويواصل صيام شهرين متتابعين.

  فيقال: قد يتكرر الخطأ والنسيان كلما استأنف الصائم، ولا سيما من يغلب على طبعه النسيان، وفي ذلك حرج شديد لو قلنا إن الصائم يستأنف كلما حصل منه خطأ في الإفطار أو نسيان، وقد قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}⁣[الحج: ٧٨]، وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨٥].

  فإن قيل: صيام الشهرين المتتابعين هو صيام أدَبٍ أَدَّبَ الله به القاتل خطأً والمظاهر، فلا يستنكر فيه الحرج.