من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

فائدة حول قول المحرم (ومحلي حيث حبستني)

صفحة 299 - الجزء 1

  هذا، وقد يكون العمل بالآية عزيمة، وما جاء في الحديث رخصة، وذلك أن المرأة شكت إلى رسول الله ÷ الكبر والضعف، وأن ذلك قد يعوقها عن تمام الحج والمضي فيه، فأرشدها ÷ إلى أن تقول ... إلخ.

  هذا، وقد قيل: إن التلفظ بذلك عند الإحرام لفظ تعبدي لا غير.

  قلنا: هذا لا يصح؛ وذلك أن اللفظ له معنى مفهوم يتعلق بأحكام الإحرام، وليس فيه ذكر ولا تعظيم لله تعالى.

  هذا، وقد روي عن النبي ÷: «إنما الأعمال بالنيات ...»، وهو يؤيد ما ذكرنا، وذلك أن الذي يعقد نية الإحرام ناوياً في قلبه أنه إذا عاقه عائق فإنه في حل وإنه ليس عليه إذ ذاك إحرام - فإنه إذا حصل الشرط حصل المشروط، فلا يكون عند حصول العائق محرماً؛ عملاً بمقتضى هذا الحديث، وبناءً على هذا فلا يلزم هنا دم للإحصار، وإنما يلزم من لم يشرط عند إحرامه.

  نعم، ما قلناه هنا هو مذهب الشافعي حكاه عنه في حواشي شرح الأزهار.

  وفي الشرح: أن الإمام المهدي قوى قول أهل المذهب، ثم قال في الحاشية: وقد رجع عنه في البحر، انتهى.

  وبعد، فإن ما ذكرنا هو المناسب لرفع الحرج وللتيسير، فإن كثيراً من الحجاج لا يجد ثمن الهدي أو من يجحف به ذلك، و {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة ٢٨٦]، فشرع الله ذلك لرفع الحرج وللتيسير.

  ولهذا الترخيص نظائر، فقد روي أن النبي ÷ رخص لعمه العباس بن عبدالمطلب في البيتوتة بغير منى من أجل السقاية، ورخص لرعاة الإبل أيضاً في البيتوتة خارج منى.

  وأَلْحَقَ بعض العلماء كالأمير الحسين في الشفاء، والإمام يحيى كُلَّ من له عذر كمن يشتغل بمصلحة عامة للمسلمين أو أمر يخصه من طلب ضالة أو مرض أو نحو ذلك؛ فجعلوهم كالرعاء في جواز البيتوتة خارج منى.