من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم من مات ولم يوص بحج]

صفحة 368 - الجزء 1

  قلنا: الصحيح هو ما وافق أمر الشارع، وقد بينا أن المكلف بالحج مأمور شرعاً بالخروج من بيته وقطع مراحل السفر حتى يبلغ الميقات و ... إلخ.

  والحج من مكة يتصف بصفة، والحج من المدينة له صفة أخرى، والحج من اليمن له صفة غير تينك الصفتين، والحج من الصين له صفة مغايرة لتلك الصفات.

  ولكن نقول: الحج صحيح على كل حال ولكنه لا يجزي عن حجة الإسلام، فمع القبول يكتب للمستأجر أجره وثوابه، ولكنه - كما قلنا - لا يجزيه عن حجة الإسلام.

  - أما إذا كان الحج نافلة فليستأجر المكلف من حيث شاء.

  - قد يجب الحج على المكلف ثم إنه أوصى، أو ترك ما تؤدى به الفريضة التي وجبت عليه، ثم بعد موته أراد أولياؤه أو وصيه تأدية الحج فإذا ما تركه الميت لا يكفي؛ لأن تكاليف الحج قد تضاعفت كثيراً، وليس بإمكان أولاده توفية التكاليف لفقرهم، وهم يريدون المسارعة بالحجة فإنه في مثل هذه الحال لا بأس عليهم أن يستأجروا من يحج عن ميتهم من حيث ما أمكن، وليس عليهم أكثر من ذلك: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة ٢٨٦].

  أما إذا كانت تركة الميت كبيرة فالواجب على أوليائه أن يوفوا الحجة من التركة.

[حكم من مات ولم يوصِ بحج]

  قال أهل المذهب: (إنه لا يجب التحجيج عن الميت إلا من الثلث إذا كان قد أوصى بالحج، أما إذا لم يكن أوصى به فلا يجب التحجيج لا من الثلث ولا من غيره)⁣(⁣١).

  قلت: الأولى هو التفصيل:

  ١ - فإن كان الميت ترك الوصية بما وجب عليه من الحج عمداً مع تمكنه من الوصية ومع كفاية ثلث ما يتركه للحج، ومع كفاية الباقي من التركة لورثته، وعلى الجملة أن يترك الوصية بالحج عمداً وتهاوناً - فمثل ذلك لا يلزم التحجيج عنه.

  ٢ - أن يموت المكلف فجأة أو في حادث سيارة أو في نحو ذلك وكان قد


(١) شرح الأزهار ٢/ ١٧٢ وما بعدها.