من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[رجل تزوج بطفلة ثم أرضعتها زوجة أخيه فعلى من يكون المهر]

صفحة 388 - الجزء 1

[رجل تزوج بطفلة ثم أرضعتها زوجة أخيه فعلى من يكون المهر]

  سؤال: عقد لرجل بطفلة رضيعة، فأذن أو أمر زوجة أخيه أن ترضعها فأرضعتها، وقد كان الزوج فرض لهذه الرضيعة صداقاً، فبذلك الرضاع انفسخ النكاح، فعلى من يجب حينئذٍ المهر؟ وهل اللازم المسمى من المهر كاملاً أم نصف المسمى؟ وهذا النكاح والرضاع إنما قصد به من أول اليوم وصول الرحامة بين الزوج المذكور والمرضعة؟

  الجواب والله الموفق: أن المهر لازم للزوج دون زوجة أخيه، وذلك أن إذن الزوج وأمره لزوجة أخيه بالإرضاع مع علمه بأن الرضاع المذكور سببٌ لفسخ النكاح - يعتبر فسخاً من جهته، لا من جهة زوجة أخيه؛ إذ ليست متعدية لا من قريب ولا من بعيد، وإنما فِعْلها إحسان خالص؛ إذ فعلت غرض الزوج، والله سبحانه يقول: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}⁣[التوبة ٩١]، ويقول تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ٦٠}⁣[الرحمن].

  هذا، ويلزم الزوج صداقها كاملاً، وذلك أن الفسخ لم يكن من قبل الزوجة، والذي يظهر لي: أن تنصيف المهر إنما هو في الطلاق دون الفسخ.

  والدليل على ذلك: قوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا}⁣[الممتحنة ١٠]، وقال تعالى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا}⁣[الممتحنة ١١].

  أما أهل المذهب - كما في الرضاع من الشرح وحواشيه - فإنهم لا يلزمون الزوج في مثل هذه الصورة المذكورة إلا نصف المهر⁣(⁣١).


(١) وفي قوله في الأزهار: ونصفه فقط بطلاق أو فاسخ قبل ذلك من جهته فقط. شرح الأزهار ٢/ ٢٦٥، ٢٦٦.