من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

إذا طلق الرجل في حال انفعال نفسي ألف طلقة ثم ظاهر

صفحة 446 - الجزء 1

  فإن قيل: المعتدة رجعياً لها حكم الزوجة؛ لذا يحرم على المطلق لزوجته نكاح أخت زوجته ونكاح الخامسة، ووجب لها النفقة، ونحو ذلك.

  قلنا: لا تسمى زوجة في الشرع، وإنما تسمى مطلقة، وإنما وجب لها النفقة حال العدة بدليل، كقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}⁣[الطلاق ٦]، لا لأنها زوجة.

  وحرم التزوج بالأخت والخامسة لدليل أيضاً، وهو كما يلي: أن الله سبحانه وتعالى قد جعل للزوج أن يراجع زوجته ما دامت في عدة الرجعي فقال: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}⁣[البقرة ٢٢٨]، وقال: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ١}⁣[الطلاق].

  فمن هنا علمنا أنه لا يجوز للزوج أن يتزوج بالأخت ولا بالخامسة؛ وذلك لما يؤدي إليه من إبطال المراجعة التي حكم بها القرآن، فلو جازت الأخت والخامسة لبطلت الرجعة، والمعلوم كما دل عليه القرآن أن الرجعة حق للزوج ما دامت المطلقة رجعياً في العدة، فوجب القول حينئذ بتحريم الأخت والخامسة؛ لمنافاة ذلك للرجعة، لا لأن المطلقة زوجة.

  ومن هنا قالوا بجواز الخامسة لمن طلقها زوجها ثلاثاً، وكذلك الأخت.

  وبعد، فالطلاق هو حل عقدة النكاح، ومن هنا سماه الله تسريحاً، وإنما شرع الله تعالى العدة وأوجبها لمصالح عظيمة للخلق، منها: ما ذكره الله تعالى في قوله: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ١}، وذلك أن الزوج قد يندم على الطلاق فجعل الله تعالى له المهلة والخيار، فضرب تعالى له أجلاً يراجع فيه نفسه، وينظر فيه لنفسه، فلعل الطلاق قد صدر عن غضب، أو عن أمر صغير، أو عن سبب حقير، أو عن رأي ضعيف.

  ومنها: المحافظة على الأنساب من الاختلاط، فلو تزوجت المطلقة بعد الطلاق مباشرة لاختلطت الأنساب؛ وذلك لاحتمال علوق المرأة من زوجها