[حكم قول العوام: علي الطلاق لأفعلن]
  ومثل ذلك قولهم: «امرأتي طالق لأفعلن، أو لتفعلن، أو حرام وطلاق لتفعلن أو لأفعلن».
  فالحالف حلف بالجملة الأولى وهي: امرأتي طالق، ولا تعليق في هذه اليمين الجارية على ألسن العوام، والقياس: أنه لا يقع بمثل ذلك طلاق، سواء حنث في يمينه أم لم يحنث؛ لأن قول الحالف: أحلف بـ: «علي الطلاق»، أو أحلف بامرأتي طالق، أو أحلف بحرام وطلاق - ليس فيه طلاق، ولا يدل على الطلاق؛ لأن الحالف إنما حلف بما ذكر، والحلف بذلك تعظيم، فالحالف إنما عظم طلاق زوجته بالحلف به، وعلى هذا فلا يلزمه شيء لا طلاق ولا كفارة.
  فإن قيل: ما ذكرتم يتوجه من حيث اللغة، والحالف من أهل العرف يتكلم بلغة عرفه، فالواجب حمل يمينه على حسب ذلك، والعرف يرى ذلك طلاقاً.
  قلنا: العوام حقاً يرون أن الحنث في أيمانهم تلك يوجب الطلاق، غير أن رؤيتهم تلك رؤية خاطئة؛ لأن حلفهم ذلك ليس فيه تعليق للطلاق على أمر لا في متعارف كلامهم، ولا في متعارف كلام أهل اللغة.
  وللتوضيح لو قال القائل: أقسم بطلاق زوجتي لأفعلن كذا وكذا - لم يقع به شيء، مع أن هذه اليمين أصرح وأوضح في الطلاق من حلف العوام، هذا على مقتضى كلام أهل المذهب؛ لأنهم قسَّموا الطلاق إلى قسمين: طلاق ناجز، وطلاق معلق، وهذا الطلاق ليس واحداً منهما.
  فإن قيل: العوام يرون ذلك في حكم التعليق، فإذا قال: امرأتي طالق لأفعلن كذا وكذا، فهو عندهم بمثابة: إن لم أفعل كذا وكذا فامرأتي طالق، وعلى ذلك فيكون من الطلاق المعلق.
  قلنا: رؤيتهم لذلك وتوهمهم له ليست كافية في الحكم بالطلاق ما دام التركيب اللفظي لليمين لا يدل على التعليق للطلاق لا في اللغة ولا في العرف.