حقيقة البيع
  الدليل على ما قلنا في الطرف الأول من الجواب: هو أنه لا مانع يقدر من بيعه إلا ظن استعماله في الحرام، وذلك غير مانع؛ بدليل ما اشتهر عن النبي ÷ أنه كان يتعامل في المدينة مع اليهود بالبيع والشراء، مع علمه ÷ أنهم يتعاملون بالربا، ويقلبون أموالهم فيه، فلم يمنعه ÷ ذلك من معاملتهم، وكذلك صحابته ÷ في عهده ÷ فقد كانوا كثيري المعاملة مع اليهود، ولم ينكر ÷ عليهم تلك المعاملة، بل أقرهم عليها ودخل هو ÷ فيها كما ذكرنا.
  وكان النبي ÷ يعلم والصحابة أيضاً بما عليه اليهود من استعمال أموالهم في الحرام، وقد وصفهم الله سبحانه وتعالى في كتابه فقال سبحانه: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ}[النساء ١٦١]، و {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ}[المائدة ٤٢]، إلى غير ذلك مما وصفهم الله به من الصد عن سبيل الله والفساد في الأرض و ... إلخ.
[حكم بيع النجس]
  قال بعض علماء المذهب كما في الشرح - وهو الفقيه يحيى البحيبح -: للرجل أن يشتري ما ينتفع به كالكلب للصيد، وزبل ما لا يؤكل لحمه؛ لأنه يتوصل إلى المباح بالمباح. انتهى.
  أما بيعه ففي الحاشية: أما الكلب فإن كان لا ينفع لم يصح بيعه، وإن كان ينفع فقال زيد بن علي # والقاسم والناصر وأبو طالب $ وأبو حنيفة: يصح بيعه، وقال في الأحكام والمؤيد بالله والشافعي ومالك: لا يصح بيعه™، وتصح هبته، والنذر به، والوصية به، واقتناؤه ما لم يضر. تمت بيان انتهى(١).
  قلت: الذي يظهر لي أن البائع إن كان ينتفع بالكلب في الصيد أو في الحراسة صح وجاز له بيعه وأكل ثمنه، وإلَّا فلا؛ والدليل على ذلك: ما جاء من الرخصة في اقتناء الكلاب للصيد والحراسة، فإذا كان البائع من أهل الرخصة صح له
(١) شرح الأزهار ٣/ ٣٢.