[باب الربويات]
  المقترض يستحق المقرض عليه الثناء والمدح، ويستوجب به شكر المقترض، بخلاف البيع من حيث هو بيع فلا يستحق البائع مدحاً ولا ثناءً، ولا يستوجب على المشتري شكراً.
  - وطبيعة البيع من حيث هو بيع هو رجاء الفائدة والنفع المترتب على المبادلة.
  - وبيع الحب بمثله ديناً أو بيع الذهب بمثله ديناً لا يكون فيه أي فائدة ولا نفع للبائع، ولا يستحق عليه مدحاً ولا ثناءً ولا شكراً، بل يكون بذلك البيع خاسراً ومحروماً من الانتفاع بماله الذي باعه فترة من الزمان.
  ولا شك أن العقل يقبح العمل الذي لا يترتب عليه أي منفعة ولا مصلحة، فبالأولى أن يقبح العمل الذي تترتب عليه مفسدة خالصة من أي نفع، والأحكام الشرعية جاءت مؤيدة لأحكام العقول.
  وبما ذكرنا يعرف الفرق بين البيع والقرض.
  - وجاز بيع الذهب بمثله عاجلاً، وهكذا الحب بالحب، والتمر بالتمر و ... إلخ عاجلاً لأن كلاً من البائع والمشتري قد يكون له رغبة فيما عند الآخر فتدفعه تلك الرغبة إلى المبادلة، ولا خسارة على أحدهما في هذا التبايع.
  - وجاز بيع البر بمثليه من الشعير يداً بيد؛ لأن البر جنس والشعير جنس، وأحدهما أرفع من الآخر.
  - وامتنع ذلك ديناً؛ لأن المشتري للبر بمثليه شعيراً بالدين قد يتساهل في الزيادة، فيزيد أكثر من قيمة البر لأجل الدين، وهكذا البائع قد يتساهل في زيادة الأجل من أجل زيادة الثمن، فمنع الشارع الحكيم هذا النوع من البيع لما ذكرنا من مظنة الوقوع في الربا.
  - أما بيع ذلك يداً بيد فلا يكون هناك تساهل من المشتري في زيادة الثمن بدون مقابل، فلم يكن ذلك مظنة لوقوع الربا.