من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[باب الربويات]

صفحة 84 - الجزء 2

  وهذا المذهب هو الأقرب إلى الاحتياط، والأبعد عن الشك والارتياب، وفي الحديث: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»، وجاء أيضاً في الأثر: «المؤمنون وقافون عند الشبهات».

  وقد أجاز مثل هذا البيع بعض أئمة أهل البيت $، وحجتهم: القياس على ما ثبت صحته عن النبي ÷ من جواز تعجيل الدين المؤجل مقابل الحط لبعض الدين، فقالوا: قد أجاز النبي ÷ في هذه الصورة حط شيء من الثمن مقابل الوقت؛ فيصح حينئذ أن يقابل الوقت بالثمن في باب البيع والشراء.

  وهذه المسألة خارجة عن القواطع بدليل وقوع الخلاف بين أئمة أهل البيت $ في جوازها.

  غير أن المذهب الأول أسلم وأقرب إلى الاحتياط وأبعد من الشبهات.

[المصالحة عن النقد بالدين]

  سؤال: هل تصح المصالحة عن النقد بدين؟

  الجواب والله الموفق: أن أهل المذهب قد منعوا ذلك، كما في الأزهار، وقال المؤيد بالله #: إن ذلك صحيح وجائز، وجه ذلك كما في الحواشي أنه إسقاط لبعض الدين وتأجيل لبعضه، وقواه الإمام شرف الدين.

  قلت: وهذا هو الأولى؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ}⁣[البقرة ٢٨٠]، فقد حثت هذه الآية على الإنظار كما حثت على الحط - وهذا إن كانا من جنس واحد، فأما مع الاختلاف فلا يجوز، كأن يصالح بذهب عن فضة - ومن حط البعض وأنظر في الباقي فقد أحسن، وقولهم: إنه كبيع عشرة بخمسة غير واضح، فتأمل، والله أعلم.