باب في الأوقات
  ولا خلاف أن أول وقت صلاة المغرب هو عقيب غروب الشمس، ولكننا لا نتحقق غروبها إلا بما ذكرنا؛ لأنها قد تحتجب في جبل أو مرتفع أو في سحاب، وقد جاء في حديث جابر في حج النبي ÷ أنه ÷ دفع من عرفة حين غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً؛ فلم يدفع ÷ من عرفة حين غربت الشمس بل تأنى بالدفع حتى ذهبت الصفرة قليلاً؛ فيؤخذ من ذلك أن المراد بغروب الشمس هو غروبها وغروب أشعتها، لا احتجابها بالجبل ونحوه.
  وينتهي وقت المغرب الاختياري بذهاب الشفق الأحمر، وقد قدَّره بعض العلماء بما يسع صلاة المغرب وراتبها وركعتي المغرب وركعتي الفرقان.
[كيف يصنع من ضاق الوقت عليه وتزاحمت عليه عدد من الواجبات]
  سؤال: إذا ضاق الوقت وتزاحم على المسلم فيه عدد من الواجبات كصلاة فريضة، ونهي عن منكر، وإسعاف مريض إلى المستشفى، ونحو ذلك، فكيف يصنع؟ وماذا يقدم وماذا يؤخر؟
  الجواب: لا ينبغي للمسلم أن يؤخر الصلاة إذا كان يتوقع أن تتزاحم عليه المهمات في آخر الوقت، فإذا أخر الصلاة إلى آخر الوقت وحصل مثل ما ذكر في السؤال فإنه يقدم إسعاف المريض إذا كان المرض خطيراً يخشى على المريض الموت أو الضرر الكبير إن لم يبادر إلى إسعافه، مثل مرض نزف الدم، وإذا خشي فوت الصلاة مع الإسعاف فإنه يصلي كيفما أمكنه فيتيمم ويومي في صلاته ويصلي ولو إلى غير القبلة: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن ١٦].
  ودليل ما ذكرنا قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ٢٣٨ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}[البقرة].
  فرخص الله تعالى في هذه الآية للمؤمنين إذا كانوا مصافين للعدو - أن يصلوا كيفما أمكنهم، وتسمى هذه الصلاة «صلاة المسايفة»، فيصلي المقاتل وهو راكب على فرسه يقاتل عدوه، أو يصلي وهو يقاتل عدوه راجلاً يومي لركوعه وسجوده، ولا يضره الذهاب والمجيء والالتفات والضرب والحركات و ... إلخ.