من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[إذن الورثة للموصي ثم تراجعهم]

صفحة 496 - الجزء 2

  ففي حصول مثل ذلك للولد يصح له أن يستأجر من يحج عن أبيه؛ لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة ٢٨٦]، وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}⁣[التغابن ١٦]، وحديث: «إذا أمرتم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».

[إذن الورثة للموصي ثم تراجعهم]

  في البيان: إذا أذن الورثة للموصي في الزائد على الثلث أو أجازوه بعدما أوصى به ثم رجعوا عنه قبل موته صح رجوعهم عند القاسمية، خلاف الناصر والصادق، وإن رجعوا بعد موته فقال في الأحكام: لا يصح رجوعهم، وقال في الفنون والمؤيد بالله وأبو حنيفة والشافعي: يصح مطلقاً، وقال مالك واختاره الفقيه حسن: إن كانت إجازتهم في حال مرض الموصي المخوف لم يصح رجوعهم، وإن كانت قبله صح رجوعهم؛ لأنها وقعت قبل ثبوت حقهم. انتهى.

  قلت: إذا جاز أن يتراجع الموصي عن وصيته وأن يرفضها ويستبدل وصية أخرى فكذلك يجوز أن يتراجع الورثة عن الإذن للموصي بأكثر من الثلث، وهذا فيما إذا كان التراجع قبل موت الموصي، وهذا هو المذهب كما أشار إليه في البيان.

  وبناءً على ذلك فيجوز لهم أيضاً التراجع بعد موت الموصي؛ لعدم ما يصلح للتغيير.

  ودليل ذلك: أن الإذن للموصي بالوصية ليس تمليكاً للموصى له، فلهم أن يتراجعوا عن هذا الإذن قبل أن يقع في يد الموصى له، فأما إذا وقع في يد الموصى له فلا يصح التراجع؛ وذلك أن الموصى له قد ملكه بالقبض الصادر عن موجب الإذن والوصية.

  والدليل على أن الوصية لا تفيد الملك وحدها: أنها تفتقر إلى القبول عند أبي العباس والمؤيد بالله وقول لأبي طالب والشافعي، وأنها تبطل بالرد لها.

[حكم إجازة الورثة للمريض]

  إذا أجاز الورثة للمريض أن يوصي بأكثر من الثلث لم يكن لهم أن يرجعوا عن ذلك بعد موته، هكذا في الأحكام. وفي الفنون: أن لهم الرجوع بعد موت