[وجود وصيتين لميت]
  المسألة أن يكون القابض للدَّيْن ثقة أميناً ولو فاسقاً(١).
  قلت: ويبرأ المديون بتسليمه الدين إلى بعض الورثة إذا كان ثقة أميناً ولو فاسقاً، فإذا لم يكن في الورثة من كان كذلك فالواجب عليه أن يؤدي إلى كل وارث حصته من الدين؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}[النساء ٥٨].
  والدين أمانة بدليل قوله تعالى في آية الدين: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}[البقرة ٢٨٣].
[وجود وصيتين لميت]
  سؤال: أولاد وجدوا بعد موت أبيهم ورقة فيها وصية لأبيهم، ثم وجدوا له وصية أخرى في قرطاس آخر؛ فكيف يصنع الأولاد؟ هذا مع أن الوصيتين مؤرختان، هل يعملون بالوصيتين جميعاً وينفذون ما فيهما؟ أم ينفذون الوصية الأخيرة؟
  الجواب والله الموفق: أن الواجب هو تنفيذ الوصية الأخيرة، ولا يلزم الأولاد أن ينفذوا الوصيتين جميعاً، بل يكفي تنفيذ الأخيرة، وإنما قلنا ذلك قضاءً منا بما جرت به العادة من أن الإنسان لا يكتب الوصية الثانية إلا إذا تغير رأيه عن الوصية الأولى، ومن البعيد غاية البعد أن يوصي بثلث ماله لزيد مثلاً في الوصية الأولى ثم يوصي بثلث ماله لعمرو في الوصية الثانية، ويريد الأمرين جميعاً؛ فعلى ما ذكرنا فيكون ثلث مال الميت لعمرو دون زيد.
  فإن قيل: قد ثبت لزيد ثلث المال قطعاً بالوصية الأولى، ولعمرو ثلث المال قطعاً بالوصية الأخيرة، فيكون الثلث بينهما نصفين عملاً بالوصيتين، ولا يجوز أن نحرم زيداً الذي هو صاحب الوصية الأولى من غير دليل قاطع يدفع به ما ثبت له في الوصية الأولى.
(١) شرح الأزهار ٤/ ٥١٣، ٥١٤، ٥١٥.