[حكم من أوصى بشقة في عمارته]
  نعم، كل ما ذكرناه هنا هو فيما إذا علم الورثة تقدم إحدى الوصيتين على الأخرى، فأما إذا جهل التأريخ في الوصيتين فلم يدر أيتهما المتقدم وأيتهما المتأخر، أو كانت إحداهما مؤرخة دون الأخرى - فاللازم هو قسمة الثلث مثلاً في المثال المتقدم بين زيد وعمرو، ثم العمل بما تضمنته الوصيتان، إلا فيما كان مكرراً فيكفي العمل بواحدة منهما، وذلك كأن تكون الوصيتان قد تضمنتا الإيصاء بحجة فيكفي تنفيذ حجة واحدة، وكذلك الكفارات والزكوات والمظالم، إذا كان ذلك سواء في الوصيتين، فإن زاد ذكر ذلك في إحداهما وجب إخراج الزائد.
[حكم من أوصى بشقة في عمارته]
  سؤال: رجل أوصى بشقة من عمارته فيما يزيد من حسناته ويلحقه بعد وفاته هو ووالديه، ولم يذكر فيمن تصرف غلات الشقة، وجعل الوصية إلى أحد أولاده؛ ففيمن تصرف غلات الشقة؟
  الجواب والله الموفق: الوصية هنا بمنزلة الوقف، فلا يجوز للورثة بيع الشقة، ولا يجوز لهم أن يقتسموها بينهم، ولا أن يأخذوا غلاتها لأنفسهم، وعلى الوصي أن يصرف ما جاء من غلات الشقة في الفقراء المؤمنين، وإذا كان في أرحام الميت فقراء فهم أولى؛ لما جاء في الحديث: «لا صدقة وذو رحم محتاج»، ولما روي عن بعض الصحابة أنه جعل حائطاً له صدقة لله تعالى، فقال له النبي ÷: «اجعلها في الأقربين»، أو كما قال.
  ومن هنا قدم الله تعالى ذكر ذي القربى على غيرهم في قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ}[النساء ٣٦]، فإذا استغنى القرابة أو كانوا أغنياء صرفها الوصي في الفقراء والمساكين.
  وله أن يصرف في نفسه إذا كان محتاجاً، وفي أولاده إذا كانوا محتاجين.