[هل للوارث أن يمنع مورثه من الوقف]
  الجواب ومن الله التوفيق والتسديد: أن الظاهر أن من كان في البيت قتلوا جميعاً في حالة واحدة، فلا يرث بعضهم من بعض حتى ولو فرضنا أن أرواح بعضهم خرجت قبل أرواح البعض الآخر، وذلك لأن من أصيب بجرح قاتل قطعاً كمن قطع نصفين أو نحو ذلك في حكم الميت ولو لم تخرج روحه.
  وبناءً على ذلك فتركة الرجل الأول يكون ثلثاها للخمس البنات، والثلث الباقي للعصبة إن وجدوا، ولا شيء من تركته لمن سواهم إطلاقاً، وهكذا قال أهل المذهب فيمن علم أنهم ماتوا في لحظة واحدة كما في جوهرة الفرائض.
  - ولا يصح فيمن ماتوا جميعاً في لحظة واحدة أن يورث بعضهم من بعض، وإنما ذلك فيمن التبس أيهم مات قبل صاحبه.
  وقد قال بعضهم: إنه يورث بعضهم من بعض، ولكن الصحيح هو ما ذكرنا كما قاله أهل المذهب، وذلك لأن الإرث حكم من الله، جعله للحي من الميت، فلا يستحق الإرث إلا من كان حياً بعد موت الميت.
  فإن قيل: فكم تقدر اللحظة الواحدة، ولا شك أن البيت إذا كان على أربعة طوابق أو خمسة، فإن القنبلة تصيب من في الطابق الخامس قبل إصابتها لمن في السقف السفلي، وإذا كان الأمر كذلك فيرث أهل السقف السفلي ممن فوقه، وأهل الثاني من الثالث، وأهل الثالث من الرابع، وأهل الرابع من الخامس.
  قلنا: أهل الطابق العلوي وأهل الطابق السفلي ماتوا في لحظة واحدة، وتقدر اللحظة الواحدة بطرفة عين، ودليل هذا التقدير قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ٥٠}[القمر]، ولا شك أن القنبلة تصيب الطابق العلوي والسفلي في لمح البصر، وهكذا الرصاصة إذا أصابت شخصين واقفين معاً.
  نعم، لمح البصر، وطرفة العين أقل ما يمكن تصوره من الوقت، ولا يمكن للمرء أن يدرك بتصوره أول الطرفة وأوسطها وآخرها، بحيث يدرك بتصوره كل واحد من هذه الثلاثة مستقلاً عن إدراك الأخيرين.