من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب السير

صفحة 555 - الجزء 2

  المعاصي التي نهى الله عنها والتي لا يتم للمسلم اسم التقوى إلا باجتنابها.

  ٣ - طائفة من الأذكياء يكون الاشتغال بالعلم في حقهم أفضل من الجهاد، ويكون كثرة هذه الطائفة أو قلتها على حسب ما يفترض من الحاجة إليهم في المجتمعات الإسلامية.

  ففي هذه الحالات الثلاث طلب العلم أفضل وأولى وأوجب:

  ١ - لأن الترتيب المنطقي يقضي بتحتم تقدم العلم على العمل، وقد قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}⁣[محمد ١٩]، فقدم العلم وأخر العمل.

  ٢ - لأن أول ما جاء به رب العالمين وفرضه على عباده في أول الإسلام هو العلم بالله، ولم تنزل الفرائض ومنها الجهاد إلا بعد زمان طويل.

  ٣ - العلم في حق الثلاثة الأصناف الذين ذكرناهم متعين، والجهاد فرض كفاية، وفرض العين مقدم على فرض الكفاية.

  ٤ - معنى الجهاد: هو الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتماماً كما قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ١٠٤}⁣[آل عمران]، ولا تتم الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا ممن يعرف الخير، ويعرف المعروف والمنكر.

  نعم، إذا عرف المسلم ما يتحتم عليه معرفته وكان على بصيرة في دينه، ولم يكن من الأذكياء المشتغلين بطلب العلم - فإن الجهاد يكون أفضل في حق هذا، ولا سيما أهل الجلد والقوة والبصيرة في الحروب، وأهل الرأي والسياسة والتدبير، وأهل الرئاسة والمهابة الذين يقبل الناس بإقبالهم ويدبرون بإدبارهم، ونحو أولئك، فهؤلاء الجهاد في حقهم أفضل.

  وأئمة المسلمين لهم من التوفيق وحسن النظر ما ليس لغيرهم؛ لذلك فإنهم لا يفرطون في توزيع المسلمين على ما ينبغي وعلى حسب ما تدعو إليه المصلحة