من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

بيان الدليل على بطلان هذا التفسير:

صفحة 36 - الجزء 3

  أمير المؤمنين من التفسير والتأويل غير ما جاء عن النبي ÷، وكذلك كان أئمة أهل البيت $ على طول التأريخ لم يأتوا بشيء من عند أنفسهم.

  وبعد، فنقول: إن سنة الله تعالى في عباده قد مضت عليهم بالتكليف، فلذلك جعلهم سبحانه وتعالى مختارين، ووفر لهم سبحانه وتعالى القدرة والاستطاعة، ثم بين لهم جل شأنه أسباب الكمال وأسباب الوبال، وأسباب الخير وأسباب الشر، ثم دعاهم سبحانه وتعالى إلى أسباب رحمته، وحذرهم من أسباب نقمته، وعلى هذا فكان حصول رحمته تعالى مرهون بحصول أسبابها، وسواء أكان ذلك من متاع الدنيا وزينتها وثوابها أم من ثواب الآخرة ونعيمها ودرجاتها، فحصول الرزق مثلاً مربوط بحصول أسباب ومقدمات لا بد منها، و ... إلخ.

  والعلم أيضاً مربوط بحصول أسباب ومقدمات لا بد منها، فمن ذلك: السماع للعلم، وبهذه الطريق ومنها أخذ النبي ÷ العلم فقد كان جبريل # يأتي النبي ÷ في صورة دحية الكلبي فيقرأ عليه القرآن، وكذلك أمير المؤمنين # استفاد العلم بالسماع عن النبي ÷، والحسنان @ عن أبيهما، ثم الأئمة $، وكذلك علماء الصحابة ومن بعدهم من علماء الأمة إنما استفادوا العلم بالسماع والتلقي عن العلماء والمشائخ.

  نعم، في هذه الأزمنة المتأخرة لا بد مع السماع من معرفة اللغة العربية معرفة متكاملة؛ لأن القرآن كما ذكرنا نزل بلسان عربي مبين، فحصول معرفة معاني القرآن مرهون بحصول معرفة اللغة العربية معرفة كاملة، وكلما كانت المعرفة باللغة العربية أكمل كانت معرفة القرآن أتم وأكمل وأوثق.

  ثم لا بد مع ذلك من حصول التنوير في القلب، وزيادة الفهم، وزكاء العقل، وكل ذلك متوقف على التقوى والهدى والإحسان والتواضع، وتماماً كما قال جل شأنه: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}⁣[محمد ١٧]، {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}⁣[الأنفال ٢٩]، {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي