من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

العالم الرباني

صفحة 38 - الجزء 3

  أما الأوصياء والأئمة والعلماء فعلمهم مستفاد من السماع من الأنبياء أو ممن سمع الأنبياء أو ... إلخ، فيكون أيضاً ما استفادوه من العلم علماً لدنياً، وذلك أن الكتاب والسنة من لدن حكيم عليم.

  وعلى هذا، فعلم الكتاب والسنة علم لدني، فكل من عنده شيء من علم الكتاب أو السنة فإن علمه علم لدني، ثم نقول بعد ذلك: إن من فسر القرآن بغير التفسير وبغير البيان الذي جاء عن الرسول ÷ وعن أهل بيته، أو فسره على غير ما تقتضيه قواعد اللغة العربية - فإن تفسيره تفسير باطل، وتَقَوُّلٌ على الله بما لم يقل، وكذب وزور وبهتان، {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ ...}⁣[الزمر ٣٢]، {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ}⁣[النحل ١٠٥].

  يؤيد ما ذكرنا: أنك لا تكاد تجد لهم أو تسمع من أحدهم شيئاً من ذلك العلم اللدني المزعوم، بل تراهم يتكتمون عليه أشد التكتم، ولا يظهرونه إلا لبعض المغفلين الذين وثقوا منهم؛ لعلمهم أنه لا يصدقه ولا يقبله إلا أهل الجهل والغفلة، ولو كان علمهم الذي يدعون صحيحاًَ لأبدوه ونشروه في الكتب وعلى المنابر، كما يفعله أهل المذاهب.

العالِمُ الرباني

  العالم الرباني: هو العالم بما جاء من الأحكام في الكتاب والسنة مع العمل بذلك، ومن هنا قال تعالى: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ٧٩}⁣[آل عمران]، وفي آية أخرى: {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ ...}⁣[المائدة ٦٣]، والتسمية بالربانيين قد كانت من أجل انقطاعهم إلى الرب ø بالعلم والعمل، وبناءً على هذا فجميع العلماء المحقين العاملين بعلمهم هم علماء ربانيون، غير أن ذلك المتعالم قد أراد أن يغطي سوأة جهله بالاختصاص بهذا الاسم دون غيره فسمى نفسه عالماً ربانياً، وسمى العلماء الذين هم حقاً علماء باسم «علماء كتب»، ولبس بذلك على المغفلين من الجهال.