من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب التوحيد

صفحة 45 - الجزء 3

  ٣ - معرفة اليوم الآخر، والتصديق به وبما اشتمل عليه من الثواب للمطيعين في جنات النعيم خالدين فيها، ومن العقاب للعصاة المتمردين على الله في نار جهنم خالدين فيها أبداً.

  ٤ - ثم لا بد بعد ذلك من معرفة أهل الحق والانتماء إليهم في الدين، وتماماً كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}⁣[التوبة: ١١٩].

  ولا يحتاج إلى أن يعرف مسائل الخلاف، ولا أن يعرف الحق في كل مسألة، بل يكفيه الانتماء إلى أهل الحق، واعتقاد أنه يدين بدينهم، ويقول بقولهم في الجملة.

  والدليل على ذلك: هو ما رأينا عليه علماء أهل البيت $، وذلك هو تقريرهم لأوليائهم والمنتمين إليهم على ما هم عليه من الانتماء في الجملة.

  ومن تمام الإيمان والإسلام - الإذعان والانقياد لله سبحانه وتعالى، والامتثال لله بفعل الواجبات، واجتناب المحرمات، وقد وصف الله تعالى إيمان الرسول ÷ والمؤمنين فقال جل شأنه: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ...}⁣[البقرة: ٢٨٥].

  نعم، الإيمان بالله تعالى والتصديق به لا يحتاج إلى طلب ولا تعب، بل إن كل مولود يولد على الفطرة، لهذا نرى الطفل منذ أن يبلغ مرحلة الفهم والتمييز يبحث بفطرته وينساق بطبيعته إلى الاستفهام والسؤال من أين ولد؟ ومن أين جاء؟ ومن الذي خلقه؟ ولا تزال هذه الأسئلة تدور في فكره حتى يصل إلى مطلوبه من المعرفة بالله والتصديق به.

  وكثيراً ما يوجه الأطفال هذه الأسئلة إلى أمهاتهم بإلحاح، ومن هنا جاء في الحديث: «كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه».

  والذي يؤيد ما ذكرنا من أن الإيمان بالله تعالى فطرة لا يحتاج إلى طلب ولا تعب - أن الله سبحانه وتعالى كثيراً ما يقول بعد بيان الآيات الدالة على إلهيته