من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب التوحيد

صفحة 46 - الجزء 3

  وربوبيته: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ}، {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}، مما يشير إلى أن معرفة الله تعالى متحققة لذوي العقول، وأن العاقل لا يحتاج إلى أكثر من أن يرجع إلى عقله فيتذكر المعرفة المركوزة في فطرته إن كان قد نسي أو غفل.

[حكم التفكر في الخالق]

  سؤال: ما حل مشكلة رجل إذا تفكر في المخلوق تفكر في الخالق مباشرة، ولا يستطيع صرف هذه الفكرة الشيطانية ... إلخ؟

  الجواب: أن الله سبحانه وتعالى قد أمر بالتفكر في المخلوقات، وصرَّف الآيات في ذلك المجال، والواجب على المتفكر في المخلوقات أن يجاهد وساوس الشيطان بقدر جهده، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

  وقد شكا بعض الصحابة من نحو ما شكوت منه، فقال النبي ÷: «من عرض له شيء من ذلك فليقل: آمنت بالله» أو كما قال، ولا ينبغي ترك التفكر فيما خلق الله سبحانه وتعالى من أجل ما ذكرت، بل الواجب مدافعة وساوس الشيطان، وليس عليه بعد ذلك شيء، بل ذلك محض الإيمان كما جاء في الرواية عن النبي ÷ عندما شكا إليه رجل مثل ما شكوت فقال يا رسول الله: لأن تقطع رقبتي أحب إلي من أن أذكر تلك الخواطر، أو كما قال.

[معنى: لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر]

  سؤال: ما معنى لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو الله ... إلخ؟

  الجواب: أن الناس في تلك العهود كانوا ينسبون مصائب الموت والبلايا والفقر والكبر والضعف والشيب والهرم ونحو ذلك إلى الدهر، فإذا حدث شيء من ذلك على أحدهم سب الدهر؛ لأنه عندهم فاعل ذلك، فمن أجل ذلك - والله أعلم - قال لهم النبي ÷: «لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو الله»، بمعنى: أن الذي فعل بكم تلك البلايا والمصائب هو الله، فإذا سببتم الدهر فقد سببتم الله؛ لأنه الفاعل لما تعتقدون أنه من الدهر.