كتاب التوحيد
  قلت: هذا الأصل الخامس يحتاج إلى شرح وتوضيح؛ فالذي يظهر لي –والله أعلم - أن مراد الإمام القاسم # أن أبواب التجارة والمكاسب الحلال في وقت ولاة العدل مفتوحة أمام التجار وطلاب المكاسب والأرباح، وذلك على العكس في عهد ولاة الجور؛ فإنها تقل الأبواب المفتوحة.
  وسبب قلتها أن الله سبحانه وتعالى حرم معاونة الظالمين في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢]، وقوله تعالى حكاية عن موسى #: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ١٧}[القصص]، وغير ذلك كثير في القرآن والسنة.
  وبناءً على هذا فلا يجوز الدخول في أي باب من أبواب التجارة التي يتقوى بزكاتها ومكوسها ولاة السوء والظلم والجور.
  أما ما كان من التجارة التي لا يأخذ منها الظلمة شيئاً - فلا إشكال في حلها، ولا حرج في الاشتغال بها.
  هذا، وقد يكون السبب في ذلك قلة المال الحلال بسبب كثرة الظلم؛ إذ أن الأموال في عهد الظلمة تؤخذ من غير حلها وتعطى لغير أهلها، ومع استمرار ذلك وطوله ينتشر المال الحرام، ويكثر تداوله بين الناس.
  وإذا بلغ الأمر إلى هذه الغاية فإنه يجب على المؤمن أن يحتاط لنفسه فلا يشتري من البضاعة إلا ما ظن سلامتها من الحرام، ولا يأخذ من الأثمان في سلعته إلا ما ظن حلها، وأنها ليست من الأموال المأخوذة ظلماً.
  هذا، وقد يكون السبب هو مجموع الأمرين المذكورين، وقد يضاف إلى ذلك ما يحصل بسبب التجارة، ومخالطة الناس في أوقات الظالمين من مشاهدة المنكرات في الأسواق، وسماع الباطل، و ... إلخ.
  نعم، جعل الإمام القاسم # هذا الأصل الخامس من جملة الأصول لما يترتب عليه من تقوية أهل الجور وسلاطين الظلم، بما يأخذونه من الأموال التي لا