من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب التوحيد

صفحة 59 - الجزء 3

  - وما هو السبب في إقبالهم إلى ما عرضه عليهم عدوهم الشيطان من أسباب المهالك العظيمة في الدنيا والآخرة؟

  - هل ذلك من قلة معارفهم بربهم وبعدوهم الشيطان؟

  - أم أن السبب هو شيء آخر فما هو؟

  الجواب عن كل ذلك يتبين عند التأمل فيما نمليه عليك وهو:

  أن الله سبحانه وتعالى عرض على عباده ما عرض من الخير، ووفر لهم جميع الأسباب الموصلة إليه من التعريف به والإعلان عنه، وتسهيل الوصول إليه، وعرض المغريات، وتوظيف الدعاة إليه، والمضيفين والمنادين والمرحبين، وتكريم النازلين و ... إلخ، ونصب البراهين التي تطمئن إليها النفوس على الصدق والوفاء بما تضمنه العرض من الأرباح والجوائز المغرية.

  وعلى كل حال فقد أكمل الله تعالى فيما عرضه من الخير على عباده كل ما يحتاج إليه العرض من التعريف به وبأرباحه وجوائزه، ومن التسهيل والتمكين وتوظيف الدعاة إليه و ... إلخ.

  إذا عرفت ذلك فإنه يتبين لك أن إعراض العباد عما عرضه الله من الخير ليس لسبب عائد إلى هذا العرض، بل هو لسبب آخر عائد إلى العباد.

  فإن قيل: إن أكثر العباد جاهلون بهذا العرض، وبما اشتمل عليه من الخير والأرباح، ولو علموا لأقبلوا إليه بلا شك؛ لأن كل أحد يحب الخير والأرباح والسعادة.

  قلنا: سبب الجهل هو من عند أنفسهم بسب إعراضهم، وعدم التفاتهم إلى ما أنزله الله تعالى من العرض لعباده، ونشره في الدنيا، ووظف للدعاء إليه الكثير من الدعاة في جميع البلدان، وجميع الأزمان.

  وقد كان الواجب على العباد عندما سمعوا ذلك العرض أن ينظروا فيه فإن علموه حقاً أقبلوا إليه وإلا تركوه، ولكنهم لم يلتفتوا إليه رأساً، وأعرضوا عنه، فجهلهم به حينئذ هو من قبل أنفسهم.