من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب التوحيد

صفحة 80 - الجزء 3

  ١٢ - {لَنْ تَرَانِي}⁣[الأعراف: ١٤٣]، {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٠٣}⁣[الأنعام]، {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ٤}⁣[الشورى].

  ١٣ - {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ٣٨}⁣[ق].

  فما ذكرنا من الآيات يدل دلالة واضحة على:

  - أن كل مخلوق خلقه الله تعالى لا يشابه الله تعالى بأي شبه، ولا يشترك معه تعالى في صفة من صفاته؛ لعموم النفي في: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، وفي: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}، وفي: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ٦٥}.

  ودل {أَحَدٌ} على أن الله تعالى متوحد في ذاته وصفاته لا يشاركه فيها شريك، ولا يماثله فيها مثيل؛ إذ لو شاركه أحد من الخلائق في شيء من ذلك لما صح وصف الله تعالى بالأحد، ولما صدق عليه ذلك الاسم.

  - ما تقدم في نفي المشابهة عموماً، ثم نفى عن نفسه أنه لا يشبه المخلوقات المتوالدة فقال: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣}، ونفى عن نفسه الحدوث فقال: {هُوَ الْأَوَّلُ}، ونفى عن نفسه الانتهاء والعدم فقال: {وَالْآخِرُ}.

  - وأثبت لنفسه أنه مختص بالظهور لأهل سماواته وأهل أرضه، وذلك لما بث في الآفاق من آيات وحدانيته وعظمته وجلاله وعلمه وقدرته.

  - ثم أثبت لنفسه أنه الباطن الذي لا يُدْرَك ببصر ولا بشم ولا بلمس ولا بسمع ولا بذوق، ولا يدرك بتصور.

  - وذكر تعالى أنه لا يضل ويجهل كما تضل المخلوقات وتجهل، ولا ينسى كما تنسى المخلوقات، ولا يغفل ولا يفتر ولا ينام ولا يتعب كما تغفل وتفتر وتنام وتتعب الأجسام.

  وأخبر عن نفسه أنه منزه عن صفة الحركة والسكون التي هي من صفات الأجسام، وذلك أن الأجسام تتوصل إلى حاجاتها ومنافعها بالحركات والسكون، فالحركة والسكون آلة تتوصل بها الخلائق إلى الزراعة والصناعة