من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب العدل

صفحة 94 - الجزء 3

  وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ٣٠}⁣[الأنبياء]، وقوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا ٢٥ ...} الآيات [المرسلات]، ونحو ذلك في القرآن كثير.

  فإن قيل: لو كان الأمر على ما ذكرتم لما أمر الله تعالى بالنظر في نحو قوله تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ ...} الآية [يونس: ١٠١].

  قلنا: ذلك وارد على سبيل التعزيز لما استقر في فطرة العقل، ومن هنا جاء في كثير من القرآن {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} إشعاراً بوجود الدليل الفطري في العقول، وأنهم لا يحتاجون في التصديق بالله إلا إلى أن يرجعوا إلى تذكر ما استقر في عقولهم من التصديق والمعرفة.

  نعم، المراد بما ذكرنا من النظر والتفكير هو النظر الأول الذي يسوق إلى الإيمان بالله والتصديق به، ثم من بعد ذلك قد يجب النظر، وذلك لإزاحة الشبهات والشكوك، أو لزيادة المعرفة بالله، وتمكن التصديق به.

  هذا، وقد ندب الله تعالى إلى ذكره على الإطلاق فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ٤١ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ٤٢}⁣[الأحزاب]، والصلاة ذكر، وتلاوة القرآن ذكر، و ... إلخ.

  فإن قيل: ما معنى الأثر القائل: «لا عبادة كالتفكر».

  قلنا: التفكر المراد في الأثر هو:

  ١ - التفكر في المخلوقات لما يؤدي إليه من استشعار عظمة الله وقدرته وجلاله وهيبته.

  ٢ - التفكر في النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، من النعم الكبيرة والصغيرة، والنعم الظاهرة والباطنة وتعدادها، والتفكر في كثرتها، وذلك لما يؤدي إليه ذلك من شكر الله تعالى وحمده.