من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

قسم أصول الدين

صفحة 97 - الجزء 3

  ٣ - يحصل العصيان من المكلف إذا توفرت له الصحة والعافية والفسحة في العمر، وإذا لم تتوفر الفسحة في العمر فلا يحصل العصيان، أما الصحة والعافية فتكون المعاصي معها أكثر، وقد تحصل المعصية من غير صحة وعافية كمعصية الكفر والعقائد الباطلة.

  ولا خلاف عند العقلاء أن للمتفضل أن يعطي من فضله وإحسانه من يشاء، وأن يوزع فضله وإحسانه كيفما شاء فيعطي البعض كثيراً والبعض الآخر قليلاً؛ وبناءً على ذلك فقد وصل المؤمن البر التقي إلى المنازل الرفيعة بفضل الله ورحمته، وبعمله وإخلاصه واستقامته، ودخل الفاجر الشقي النار بسوء عمله وسوء اختياره، ودخل الطفل الجنة بفضل الله وبرحمته لا بعمله.

  وفضل الله تعالى على الفاجر الشقي عظيم، فأنعم عليه بنعمة الخلق والكمال والجمال والسمع والبصر والعقل والصحة والعافية ومد له في العمر، ودعاه على ألسنة رسله À وعلى ألسنة حججه وفي كتبه إلى رضوانه ومغفرته والسعادة الأبدية في جنات النعيم، وحذره الوقوع في أسباب سخطه والسلوك في سبل الضلال والهلاك المؤدية إلى العذاب العظيم الذي لا ينقطع.

  فنعمة الله تعالى عظيمة على المؤمن والفاجر والطفل.

  وفجور الفاجر إنما حصل من تلقاء نفسه.

  وسؤال أبي الحسن مما لا ينبغي، ولا يحتاج إلى رد بعد التصديق والإيمان بقوله تعالى حكاية لقول الملائكة ولجوابه عليهم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٣٠}⁣[البقرة].

  وعند سماع الملائكة لهذا الجواب قدسوا الله ونزهوه عن فعل ما لا ينبغي من الفساد والظلم، واعترفوا بجهلهم، وأنهم إذا لم يعرفوا وجه الحكمة فيما خلق الله تعالى فإن الله تعالى عليم حكيم لا يخلق شيئاً ولا يفعل فعلاً إلا عن علم وحكمة.